وأخرج النسائي وابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ لولا كتاب من الله سبق ﴾ قال : سبقت لهم من الله الرحمة قبل أن يعملوا المعصية.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن خيثمة رضي الله عنه قال : كان سعد رضي الله عنه جالساً ذات يوم وعنده نفر من أصحابه إذ ذكر رجلاً فنالوا منه، فقال : مهلاً عن أصحاب رسول الله ﷺ، فإنا أذنبنا مع رسول الله ﷺ ذنباً، فأنزل الله ﴿ لولا كتاب من الله سبق ﴾ قال : فكنا نرى أنها رحمة من الله سبقت لنا.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ لولا كتاب من الله سبق ﴾ قال : في أنه لا يعذب أحداً حتى يبين له ويتقدم إليه.
وأخرج مسلم والترمذي وابن المنذر والبيهقي في الدلائل وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « فضلت على الأنبياء بست : أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون ».
وأخرج أحمد وابن المنذر عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي : بعثت إلى الأحمر والأسود، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد كان قبلي، ونصرت بالرعب فيرعب العدوّ وهو مني مسيرة شهر، وقال لي : سل تعطه. فاختبأت دعوتي شفاعة لأمتي وهي نائلة منكم إن شاء الله من لقي الله لا يشرك به شيئاً، وأحلت لأمتي الغنائم ».
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله ﷺ قال :« لم تكن الغنائم تحل لأحد كان قبلنا، فطيبها الله لنا لما علم الله من ضعفنا »، فأنزل الله فيما سبق من كتابه إحلال الغنائم ﴿ لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم ﴾ فقالوا : والله يا رسول الله، لا نأخذ لهم قليلاً ولا كثيراً حتى نعلم أحلال هو أم حرام؟ فطيبه الله لهم، فأنزل الله تعالى ﴿ فكلوا مما غنمتم حلالاً طيباً واتقوا الله إن الله غفور رحيم ﴾ فلما أحل الله لهم فداهم وأموالهم. قال الأسارى : ما لنا عند الله من خير قد قتلنا وأسرنا، فأنزل الله يبشرهم ﴿ يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى ﴾ [ الأنفال : ٧٠ ] إلى قوله ﴿ والله عليم حكيم ﴾ [ الأنفال : ٧١ ].
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنه قال : كانت الغنائم قبل أن يبعث النبي ﷺ في الأمم، إذا أصابوا منه جعلوه في القربان وحرم الله عليهم أن يأكلوا منها قليلاً أو كثيراً، حرم ذلك على كل نبي وعلى أمته، فكانوا لا يأكلون منه ولا يغلون منه ولا يأخذون منه قليلاً ولا كثيراً إلا عذبهم الله عليه، وكان الله حرمه عليهم تحريماً شديداً فلم يحله لنبي إلا لمحمد ﷺ، قد كان سبق من الله في قضائه أن المغنم له ولأمته حلال، فذلك قوله يوم بدر في أخذه الفداء من الأسارى ﴿ لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم ﴾.


الصفحة التالية
Icon