وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ عن الحسن. أن ابن مسعود سأله رجل عن قوله ﴿ عليكم أنفسكم ﴾ فقال : أيها الناس، إنه ليس بزمانها فإنها اليوم مقبولة، ولكنه قد أوشك أن يأتي زمان تأمرون بالمعروف فيصنع بكم كذا وكذا، أو قال : فلا يقبل منكم، فحينئذ عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن ابن مسعود في قوله ﴿ عليكم أنفسكم... ﴾ الآية. قال : مروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر ما لم يكن من دون ذلك السوط والسيف، فإذا كان ذلك كذلك فعليكم أنفسكم.
وأخرج عبد بن حميد ونعيم بن حماد في الفتن وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أبي العالية قال : كانوا عند عبدالله بن مسعود، فوقع بين رجلين بعض ما يكون بين الناس، حتى قام كل واحد منهما إلى صاحبه فقال رجل من جلساء عبدالله : ألا أقوم فآمرهما بالمعروف وأنهاهما عن المنكر؟ فقال آخر إلى جنبه : عليك نفسك، فإن الله تعالى يقول ﴿ عليكم أنفسكم ﴾ فسمعها ابن مسعود فقال : مه! لم يجئ تأويل هذه الآية بعد، إن القرآن أنزل حيث أنزل، ومنه آي قد مضى تأويلهن قبل أن ينزلن، ومنه ما وقع تأويلهن على عهد رسول الله ﷺ، ومنه آي يقع تأويلهن بعد رسول الله ﷺ بسنين، ومنه آي يقع تأويلهن بعد اليوم، ومنه آي يقع تأويلهن عند الساعة ما ذكر من أمر الساعة، ومنه آي يقع تأويلهن عند الحساب ما ذكر من أمر الحساب والجنة والنار، فما دامت قلوبكم واحدة، وأهواؤكم واحدة، ولم تلبسوا شيعاً، فلم يذق بعضكم بأس بعض، فمروا وانهوا، فإذا اختلفت القلوب والأهواء وألبستم شيعاً وذاق بعضكم بأس بعض فكل امرئ ونفسه، فعند ذلك جاء تأويل هذه الآية.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه « عن ابن عمر. أنه قيل له : أجلست في هذه الأيام فلم تأمر ولم تنه، فإن الله قال ﴿ عليكم أنفسكم ﴾ فقال : إنها ليست لي ولا لأصحابي؛ لأن رسول الله ﷺ قال » ألا فليبلغ الشاهد الغائب « فكنا نحن الشهود وأنتم الغيب، ولكن هذه الآية لأقوام يجيئون من بعدنا، إن قالوا لم يقبل منه.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير من طريق قتادة عن رجل قال : كنت في خلافة عمر بن الخطاب بالمدينة في حلقة فيهم أصحاب النبي ﷺ، فإذا فيهم شيخ حسبت أنه قال أبي بن كعب، فقرأ ﴿ عليكم أنفسكم ﴾ فقال : إنما تأويلها في آخر الزمان.


الصفحة التالية
Icon