وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في الآية قال :« أصاب الناس جهد عظيم، فأمرهم رسول الله ﷺ أن يتصدقوا فقال » أيها الناس تصدقوا. فجعل أناس يتصدقون، فجاء عبد الرحمن بن عوف بأربعمائة أوقية من ذهب فقال : يا رسول الله كان لي ثمانمائة أوقية من ذهب فجئت بأربعمائة أوقية. فقال رسول الله ﷺ : اللهمَّ بارك له فيما أعطى وبارك فيما أمسك « ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : لما كان يوم فطر أخرج عبد الرحمن بن عوف مالاً عظيماً، وأخرج عاصم بن عدي كذلك، وأخرج رجل صاعين، وآخر صاعاً. فقال قائل من الناس : إن عبد الرحمن إنما جاء بما جاء به فخراً ورياء، واما صاحب الصاع أو الصاعين فإن الله ورسوله غنيان عن صاع وصاع، فسخروا بهم فأنزل الله فيهم هذه الآية ﴿ الذين يلمزون المطوّعين من المؤمنين في الصدقات ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال : أمر رسول الله ﷺ المسلمين أن يتصدقوا فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : انما ذلك مال وافر فأخذ نصفه. قال : فجئت أحمل مالاً كثيراً. فقال له رجل من المنافقين : أترائي يا عمر؟ قال : نعم. أرائي الله ورسوله فاما غيرهما فلا. قال : وجاء رجل من الأنصار لم يكن عنده شيء فأجر نفسه بجر الحرير على رقبته بصاعين ليلته، فترك صاعاً لعياله وجاء بصاع يحمله، فقال له بعض المنافقين : إن الله ورسوله عن صاعك لغنيان. فذلك قوله ﴿ الذين يلمزون المطوّعين من المؤمنين في الصدقات ﴾.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة ﴿ الذين يلمزون المطوّعين ﴾ أي يطعنون على المطوعين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله ﴿ والذين لا يجدون إلا جهدهم ﴾ قال : هو رفاعة بن سعد.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الشعبي في قوله ﴿ والذين لا يجدون إلا جهدهم ﴾ قال : الجهد في القوت، والجهد في العمل.
وأخرج أبو الشيخ عن سفيان في الآية قال : الجهد جهد الإِنسان، والجهد في ذات اليد.
وأخرج ابن المنذر عن ابن إسحق قال : كان الذي تصدق بجهده أبو عقيل واسمه سهل بن رافع، أتى بصاع من تمر فافرغها في الصدقة، فتضاحكوا به وقالوا : إن الله لغني عن صدقة أبي عقيل.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن قال : قام رسول الله ﷺ مقاماً للناس فقال « يا أيها الناس تصدقوا أشهد لكم بها يوم القيامة، ألا لعل أحدكم أن يبيت فصاله راو وابن عمه طاو، ألا لعل أحدكم أن يثمر ماله وجاره مسكين لا يقدر على شيء، الا رجل منح ناقة من ابله يغدو برفد ويروح برفد، يغدو بصبوح أهل بيت ويروح بغبوقهم، ألا إن أجرها لعظيم. فقام رجل فقال : يا رسول الله عندي أربعة ذود. فقام آخر قصير القامة قبيح السنة يقود ناقة له حسناء جميلة فقال رجل من المنافقين كلمة خفية لا يرى أن النبي ﷺ سمعها : ناقته خير منه. فسمعها النبي ﷺ فقال : كذبت هو خير منك ومنها ثم قام عبد الرحمن بن عوف فقال : يا رسول الله عندي ثمانية آلاف، تركت أربعة منها لعيالي وجئت بأربعة أقدمها لله، فتكاثر المنافقون ما جاء به، ثم قام عاصم بن عدي الأنصاري فقال : يا رسول الله عندي سبعون وسقاً جذاذ العام، فتكاثر المنافقون ما جاء به وقالوا : جاء هذا بأربعة آلاف وجاء هذا بسبعين وسقاً للرياء والسمعة فهلا أخفياها فهلا فرقاها. ثم قام رجل من الأنصار اسمه الحجاب يكنى أبا عقيل فقال : يا رسول الله مالي من مال غير اني أجرت نفسي من بني فلان، أجر الحرير في عنقي على صاعين من تمر، فتركت صاعاً لعيالي وجئت بصاع أقربه إلى الله تعالى، فلمزه المنافقون وقالوا : جاء أهل الابل بالابل، وجاء أهل الفضة بالفضة، وجاء هذا بتمرات يحملها، فأنزل الله ﴿ الذين يلمزون المطوّعين... ﴾ الآية ».


الصفحة التالية
Icon