وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شوذب قال : قال الأحنف بن قيس : عرضت نفسي على القرآن فلم أجدني بآية أشبه مني بهذه الآية ﴿ وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً... ﴾ الآية.
وأخرج أبو الشيخ عن مالك بن دينار قال : سألت الحسن عن قول الله ﴿ وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً ﴾ فقال : يا مالك، تابوا، عسى الله أن يتوب عليهم، وعسى من الله واجبة.
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن مردويه عن سمرة بن جندب قال « كان رسول الله ﷺ ممن يكثر أن يقول لأصحابه : هل رأى أحد منكم رؤيا؟ وإنه قال لنا ذات غداة : إنه أتاني الليلة آتيان فقالا لي : انطلق. فانطلقت معهما، فاخرجاني إلى الأرض المقدسة فأتينا على رجل مضطجع وإذا آخر قائم عليه بصخرة، وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ رأسه فيتدهده الحجر ههنا، فيتبع الحجر فيأخذه فلا يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان، ثم يعود إليه فيفعل به مثل ما فعل في المرة الأولى. قلت لهما : سبحان الله ما هذان... ؟! قالا لي : انطلق. فانطلقنا، فأتينا على رجل مستلق لقفاه وآخر قائم عليه بكلوب من حديد، وإذا هو يأتي أحد شقي وجهه فيشرشر شدقه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه، ثم يتحوّل إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول، فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصبح ذلك الجانب كما كان، ثم يعود عليه فيفعل مثل ما فعل في المرة الأولى. قلت : سبحان الله ما هذان... ؟! قالا لي : انطلق. فانطلقنا، فأتينا على مثل التنور فإذا فيه لغط وأصوات، فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة، فإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا قلت : ما هؤلاء... ؟! فقالا لي : انطلق.
فانطلقنا، فأتينا على نهر أحمر مثل الدم، وإذا في النهر رجل سابح يسبح، وإذا على شاطىء النهر رجل عنده حجارة كثيرة، وإذا ذلك السابح يسبح ما يسبح، ثم يأتي الذي قد جمع عنده الحجارة فيفغر له فاه فيلقمه حجراً فينطلق فيسبح، ثم يرجع إليه كلما رجع فغر له فاه فألقمه حجراً. قلت لهما : ما هذان... ؟!
قالا لي : انطلق. فانطلقنا، فأتينا على رجل كريه المرآة كأكره ما أنت راء، وإذا هو عنده نار يحشها ويسعى حولها. قلت لها : ما هذا... ؟! قالا لي : انطلق. فانطلقنا، فأتينا على روضة معتمة فيها من كل نور الربيع، وإذا بين ظهري الروضة رجل طويل لا أكاد أرى رأسه طولاً في السماء، وإذا حول الرجل من أكثر ولدان رأيتهم قط. قالا لي : انطلق. فانطلقنا، فانتهينا إلى روضة عظيمة لم أر قط روضة أعظم منها ولا أحسن. قالا لي : ارق فيها. فارتقينا فيها، فانتهينا إلى مدينة مبنية بلبن ذهب ولبن فضة، فأتينا باب المدينة فاستفتحنا ففتح لنا، فدخلناها فتلقانا فيها رجال شطر من خلقهم كأحسن ما أنت راء، وشطر كأقبح ما أنت راء. قالا لهم : اذهبوا فقعوا في ذلك النهر. فإذا نهر معترض يجري كأن ماءه المخض في البياض فذهبوا فوقعوا فيه ثم رجعوا إلينا، فذهب السوء عنهم فصاروا في أحسن صورة... ! قالا لي : هذه جنة عدن وهذاك منزلك، فسما بصري صعداً فإذا قصر مثل الربابة البيضاء قالا لي : هذا منزلك. قلت لهما : بارك الله فيكما ذراني فأدخله. قالا : أما الآن فلا، وأنت داخله.
قلت لهما : فإني رأيت منذ الليلة عجباً، فما هذا الذي رأيت؟! قالا لي : أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه، وينام عن الصلاة المكتوبة، يفعل به إلى يوم القيامة. وأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه، ومنخراه إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق فيصنع به إلى يوم القيامة. وأما الرجال والنساء العراة الذين في مثل التنور فإنهم الزناة والزواني. وأما الرجل الذي أتيت عليه يسبح في النهر ويلقم الحجارة فإنه آكل الربا. وأما الرجل الكريه المرآة الذي عنده النار يحشها فإنه مالك خازن النار. وأما الرجل الطويل الذي في الروضة فإنه إبراهيم عليه السلام. وأما الولدان الذين حوله فكل مولود مات على الفطرة. وأما القوم الذين كانوا شطر منهم حسن وشطر منهم قبيح فإنهم قوم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً تجاوز الله عنهم، وأنا جبريل وهذا ميكائيل ».