وأخرج ابن جرير عن سعيد بن المسيب قال :« لما حضرت أبا طالب الوفاة، أتاه رسول الله ﷺ فقال له : أي عم، إنك أعظم عليَّ حقاً من والدي فقل كلمة يجب لك بها الشفاعة يوم القيامة، قل لا إله إلا الله. فذكر نحو ما تقدم ».
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال :« ذكر لنا أن رجالاً من أصحاب النبي ﷺ قالوا : يا نبي الله إن من آبائنا من كان يحسن الجوار، ويصل الرحم، ويفك العاني، ويوفي بالذمم، أفلا نستغفر لهم؟ فقال النبي ﷺ » والله لأستغفرن لأبي كما استغفر إبراهيم لأبيه. فأنزل الله ﴿ ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين... ﴾ الآية ثم عذر الله إبراهيم ﷺ فقال :﴿ وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه ﴾ إلى قوله ﴿ تبرأ منه ﴾ وذكر لنا أن نبي الله ﷺ قال : أوحى إليّ كلمات قد دخلن في أذني ووقرن في قلبي، أمرت أن لا أستغفر لمن مات مشركاً، ومن أعطى فضل ماله فهو خير له، ومن أمسك فهو شر له، ولا يلوم الله على كفاف « ».
وأخرج ابن سعد وابن عساكر عن علي قال « أخبرت رسول الله ﷺ بموت أبي طالب، فبكى فقال : اذهب فغسله وكفنه وواره غفر الله له ورحمه. ففعلت وجعل رسول الله ﷺ يستغفر له أياماً ولا يخرج من بيته، حتى نزل جبريل عليه السلام عليه بهذه الآية ﴿ ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ﴾ ».
وأخرج ابن سعد وأبو الشيخ وابن عساكر من طريق سفيان بن عيينة عن عمر قال :« لما مات أبو طالب قال له رسول الله ﷺ » رحمك الله وغفر لك، لا أزال أستغفر لك حتى ينهاني الله، فأخذ المسلمون يستغفرون لموتاهم الذين ماتوا وهم مشركون، فأنزل الله ﴿ ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين... ﴾ الآية. فقالوا : قد استغفر إبراهيم لأبيه فنزلت ﴿ وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه... ﴾ الآية. قال : فلما مات على كفره تبين له أنه عدوّ لله « ».
وأخرج اسحق بن بشر وابن عساكر عن الحسن قال : لما مات أبو طالب قال النبي ﷺ « إن إبراهيم استغفر لأبيه وهو مشرك وأنا أستغفر لعمي حتى أبلغ، فأنزل الله ﴿ ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى ﴾ يعني به أبا طالب فاشتد على النبي ﷺ فقال الله لنبيه ﷺ ﴿ وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه ﴾ يعني حين قال ﴿ سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفياً ﴾ [ مريم : ٤٧ ] ﴿ فلما تبين له أنه عدوّ لله ﴾ يعني مات على الشرك ﴿ تبرأ منه ﴾ ».


الصفحة التالية
Icon