فقال عمر : وأنا أشهد لسمعتها من رسول الله ﷺ، لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة، فانظروا من القرآن فالحقوها. فألحقت في آخر براءة.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال : أراد عمر بن الخطاب أن يجمع القرآن، فقام في الناس فقال : من كان تلقى من رسول الله ﷺ شيئاً من القرآن فليأتنا به، وكانوا كتبوا ذلك في الصحف والألواح والعسب، وكان لا يقبل من أحد شيئاً حتى يشهد شهيدان، فقتل وهو يجمع ذلك إليه، فقام عثمان بن عفان فقال : من كان عنده شيء من كتاب الله فليأتنا به، وكان لا يقبل من أحد شيئاً حتى يشهد به شاهدان، فجاء خزيمة بن ثابت فقال : إني رأيتكم تركتم آيتين لم تكتبوهما. فقالوا : ما هما؟ قال : تلقيت من رسول الله ﷺ ﴿ لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم ﴾ إلى آخر السورة فقال عثمان : وأنا أشهد أنهما من عند الله، فأين ترى أن نجعلهما؟ قال : اختم بهما آخر ما نزلت من القرآن، فختمت بهما براءة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله ﴿ لقد جاءكم رسول من أنفسكم ﴾ الآية. قال : جعله الله من أنفسهم فلا يحسدونه على ما أعطاه الله من النبوة والكرامة، عزيز عليه عنت مؤمنهم، حريص على ضالهم أن يهديه الله ﴿ بالمؤمنين رؤوف رحيم ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله ﴿ عزيز عليه ما عنتم ﴾ قال : شديد عليه ما شق عليكم ﴿ حريص عليكم ﴾ أن يؤمن كفاركم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : قال رسول الله ﷺ « جاء جبريل فقال لي : يا محمد إن ربك يقرئك السلام، وهذا ملك الجبال قد أرسله الله إليك وأمره أن لا يفعل شيئاً إلا بأمرك. فقال له ملك الجبال : إن الله أمرني أن لا أفعل شيئاً إلا بأمرك، إن شئت دمدمت عليهم الجبال، وإن شئت رميتهم بالحصباء، وإن شئت خسفت بهم الأرض. قال : يا ملك الجبال فإني آتي بهم لعله أن يخرج منهم ذرية يقولون : لا إله إلا الله. فقال ملك الجبال عليه السلام : أنت كما سمَّاك ربك رؤوف رحيم ».
وأخرج ابن مردويه عن أبي صالح الحنفي قال : قال رسول الله ﷺ « إن الله رحيم ولا يضع رحمته إلا على رحيم. قلنا : يا رسول الله كلنا نرحم أموالنا وأولادنا. قال : ليس بذلك ولكن كما قال الله ﴿ لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ﴾ ».