أخرج مسلم وأبو داود وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال : كنت عند منبر رسول الله ﷺ في نفر من أصحابه فقال رجل منهم، ما أبالي ان لا أعمل لله عملاً بعد الإِسلام إلا أن أسقي الحاج. وقال آخر : بل عمارة المسجد الحرام. وقال آخر : بل الجهاد في سبيل الله خير مما قلتم. فزجرهم عمر رضي الله عنه وقال : لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله ﷺ - وذلك يوم الجمعة - ولكن إذا صليتم الجمعة دخلت على رسول الله ﷺ فأستفتيته فيما اختلفتم فيه، فانزل الله ﴿ أجعلتم سقاية الحاج ﴾ إلى قوله ﴿ والله لا يهدي القوم الظالمين ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ أجعلتم سقاية الحاج... ﴾ الآية. وذلك أن المشركين قالوا : عمارة بيت الله، وقيام على السقاية، خير ممن آمن وجاهد. فكانوا يفخرون بالحرم ويستكبرون به من أجل أنهم أهله وعماره، فذكر الله استكبارهم واعراضهم فقال لأهل الحرم من المشركين ﴿ قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون. مستكبرين به سامراً تهجرون ﴾ [ المؤمنون : ٦٧ ]. يعني أنهم كانوا يستكبرون بالحرم. وقال ( به سامراً ) كانوا به يسمرون ويهجون بالقرآن والنبي ﷺ، فخير الإِيمان بالله والجهاد مع نبي الله ﷺ على عمران المشركين البيت وقيامهم على السقاية، ولم يكن ينفعهم عند الله تعالى مع الشرك به وإن كانوا يعمرون بيته ويخدمونه، قال الله ﴿ لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين ﴾ يعني الذين زعموا أنهم أهل العمارة، فسماهم الله ظالمين بشركهم فلم تغن عنهم العمارة شيئاً.
وأخرح ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال العباس رضي الله عنه حين أسر يوم بدر : إن كنتم سبقتمونا بالإِسلام والهجرة والجهاد لقد كنت نعمر المسجد الحرام، ونسقي الحاج، ونفك العاني، فأنزل الله ﴿ أجعلتم سقاية الحاج... ﴾ الآية. يعني أن ذلك كان في الشرك، فلا أقبل ما كان في الشرك.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام... ﴾ الآية. قال : نزلت في علي بن أبي طالب والعباس رضي الله عنه.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الشعبي رضي الله عنه قال : نزلت هذه الآية ﴿ أجعلتم سقاية الحاج ﴾ في العباس وعلي رضي الله عنهما تكلما في ذلك.
وأخرج ابن مردويه عن الشعبي رضي الله عنه قال : كانت بين علي والعباس رضي الله عنهما منازعة فقال العباس لعلي رضي الله عنه : أنا عم النبي ﷺ وأنت ابن عمه، وإلي سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام، فأنزل الله { أجعلتم سقاية الحاج.


الصفحة التالية
Icon