وأخرج البيهقي في الشعب عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « إذا كان يوم القيامة صارت أمتي ثلاثة فرق. فرقة يعبدون الله خالصاً : وفرقة يعبدون الله رياء، وفرقة يعبدون الله يصيبون به دنيا، فيقول للذي كان يعبد الله للدنيا : بعزتي وجلالي ما أردت بعبادتي؟ فيقول : الدنيا. فيقول : لا جرم لا ينفعك ما جمعت ولا ترجع إليه انطلقوا به إلى النار، ويقول للذي يعبد الله رياء : بعزتي وجلالي ما أردت بعبادتي؟ قال : الرياء. فيقول : إنما كانت عبادتك التي كنت ترائي بها لا يصعد إليّ منها شيء ولا ينفعك اليوم، انطلقوا به إلى النار، ويقول للذي يعبد الله خالصاً : بعزتي وجلالي ما أردت بعبادتي؟ فيقول : بعزتك وجلالك لأنت أعلم به مني كنت أعبدك لوجهك ولدارك. قال : صدق عبدي انطلقوا به إلى الجنة ».
وأخرج البيهقي في الشعب عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« يؤتى يوم القيامة بناس بين الناس إلى الجنة، حتى إذا دنوا منها استنشقوا رائحتها ونظروا إلى قصورها وإلى ما أعد الله لأهلها فيها فيقولون : يا ربنا لو أدخلتنا النار قبل أن ترينا ما أريتنا من الثواب وما أعددت فيها لأوليائك كان أهون. قال : ذاك أردت بكم كنتم إذا خلوتم بارزتموني بالعظيم، وإذا لقيتم الناس لقيتموهم مخبتين ولم تجلوني، وتركتم للناس ولم تتركوا إلي، فاليوم أذيقكم العذاب الأليم مع ما حرمتم من الثواب ».
وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه ﴿ من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون ﴾ قال : يؤتون ثواب ما عملوا في الدنيا وليس لهم في الآخرة من شيء وقال : هي مثل الآية التي في الروم ﴿ وما آتيتم من رباً ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله ﴾ [ الروم : ٣٩ ].
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه ﴿ من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها... ﴾ الآية. يقول : من كانت الدنيا همه وسدمه وطلبته ونيته وحاجته جازاه الله بحسناته في الدنيا ثم يفضي إلى الآخرة ليس له فيها حسنة، وأما المؤمن فيجازى بحسناته في الدنيا ويثاب عليها في الآخرة ﴿ وهم فيها لا يبخسون ﴾ أي لا يظلمون.
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ من كان يريد الحياة الدنيا ﴾ قال : من عمل للدنيا لا يريد به الله وفاه الله ذلك العمل في الدنيا أجر ما عمل، فذلك قوله ﴿ نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون ﴾ أي لا ينقصون، أي يعطوا منها أجر ما عملوا.