فلما سمع بنيامين قام فسجد ليوسف وقال : أيها الملك، سل صواعك هذا، أحيّ أخي ذاك أم لا؟ فنقرها يوسف ثم قال : نعم هو حي، وسوف تراه. قال : اصنع بي ما شئت، فإنه أعلم بي. فدخل يوسف عليه السلام فبكى ثم توضأ، ثم خرج. فقال بنيامين : أيها الملك، إني أراك تضرب بصواعك الحق، فسله من صاحبه؟ فنقر فيه ثم قال : إن صواعي هذا غضبان، يقول : كيف تسألني من صاحبي وقد رأيت مع من كنت، وكان بنو يعقوب إذا غضبوا لم يطاقوا، فغضب روبيل فقام فقال : أيها الملك، والله لتتركنا أو لأصِيحَنَّ صيحةً لا تبقى امرأة حامل بمصر إلا طرحت ما في بطنها، وقامت كل شعرة من جسد روبيل، فخرجت من ثيابه، فقال يوسف لابنه مرة : مر إلى جنب روبيل فمسه مسة فذهب غضبه، فقال روبيل : من هذا؟!.. إن في هذه البلاد لبزراً من بزر يعقوب. قال يوسف عليه السلام : ومن يعقوب؟ فغضب روبيل فقال : أيها الملك، لا تذكرَنَّ يعقوب، فإنه بشرى لله ابن ذبيح الله ابن خليل الله، فقال يوسف عليه السلام : أنت إذاً كنت صادقاً، فإذا أتيتم أباكم فاقرؤوا عليه مني السلام وقولوا له : إن ملك مصر يدعو لك أن لا تموت حتى ترى ابنك يوسف، حتى يعلم أبوكم أن في الأرض صديقين مثله. فلما أيسوا منه وأخرج لهم شمعون وكان قد ارْتَهَنَهُ، خلوا بينهم نجياً يتناجون بينهم، قال كبيرهم - وهو روبيل ولم يكن بأكبرهم سناً ولكن كان كبيرهم في العلم - :﴿ ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقاً من الله ومن قبل ما فرطتم في يوسف؟ فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين ﴾. فأقام روبيل بمصر، وأقبل التسعة إلى يعقوب عليه السلام فأخبروه الخبر فبكى وقال : يا بني ما تذهبون من مرو إلا نقصتم واحداً. ذهبتم فنقصتم يوسف، ثم ذهبتم الثانية فنقصتم شمعون، ثم ذهبتم الثالثة فنقصتم بنيامين وروبيل ﴿ فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعاً إنه هو العليم الحكيم وتولى عنهم وقال : يا أسفا على يوسف. وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم ﴾ من الغيظ. ﴿ قالوا تالله تفتؤ تذكر يوسف حتى تكون حرضاً أو تكون من الهالكين ﴾ الميتين. ﴿ قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون ﴾. قال : أتى يوسف جبريل عليه السلام وهو في السجن فسلم عليه وجاءه في صورة رجل حسن الوجه طيب الريح نقي الثياب فقال له يوسف : أيها الملك الحسن الوجه الكريم على ربه، الطيب ريحه، حدثني كيف يعقوب؟ قال حزن عليك حزناً شديداً.


الصفحة التالية
Icon