فأدخله عليهن وهن يحززن ما في أيديهن، فلما رأينه حززن أيديهن وهن لا يشعرن من النظر إليه، فنظرن إليه مقبلاً، ثم أومأت إليه أن ارجع. فنظرن إليه مدبراً وهن يحززن أيديهن بالسكاكين لا يشعرن بالوجع من نظرهن إليه، فلما خرج نظرن إلى أيديهن وجاء الوجع، فجعلن يولولن. وقالت لهن : أنتن من ساعة واحدة هكذا صنعتن، فكيف أصنع أنا؟!... ﴿ قلن : حاشا لله، ما هذا بشراً، إن هذا إلا ملك كريم ﴾.
وأخرج أبو الشيخ من طريق عبد العزيز بن الوزير بن الكميت بن زيد بن الكميت الشاعر قال : حدثني أبي عن جدي قال : سمعت جدي الكميت يقول في قوله ﴿ فلما رأينه أكبرنه ﴾ قال أمنين. وأنشد في ذلك :

لما رأته الخيل من رأس شاهق صهلن وأكبرن المنيّ المدفقا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه عن جده ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ فلما رأينه أكبرنه ﴾ قال : لما خرج عليهن يوسف حضن من الفرح، وقال الشاعر :
نأتي النساء لدى اطهارهن ولا نأتي النساء إذا أكبرن أكباراً
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ فلما رأينه أكبرنه ﴾ قال : أعظمنه ﴿ وقطعن أيديهن ﴾ قال : حزًّا بالسكين حتى ألقينها ﴿ وقلن حاشا لله ﴾ قال : معاذ الله.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف والخطيب في تالي التلخيص، عن أسيد بن يزيد أن في مصحف عثمان ﴿ وقلن حاش لله ﴾ ليس فيها ألف.
وأخرج ابن جرير، عن أبي الحويرث الحنفي أنه قرأها ﴿ ما هذا بشرا ﴾ أي ما هذا بمشترى.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ إن هذا إلا ملك كريم ﴾ قال : قلن ملك من الملائكة من حسنه.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن يزيد بن أساس رضي الله عنه قال : لما قررن وطابت أنفسهن، قالت لقيمها : آتهن ترنجاً وسكيناً. فأتاهن بهن، فجعلن يقطعن ويأكلن، فقالت : هل لكن في النظر إلى يوسف؟ قلن : ما شئت فأمرت قيمها فأدخله عليهن، فلما رأينه جعلن يقطعن أصابعهن مع الأترنج وهن لا يشعرن، فلا يجدن ألماً مما رأين من حسنه، فلما ولى عنهن قالت : هذا الذي لمتنني فيه، فلقد رأيتكن تقطعن أيديكم وما تشعرن. قال : فنظرن إلى أيديهن فجعلن يصحن ويبكين. قالت : فكيف أصنع؟ فقلن :﴿ حاشا لله ما هذا بشراً إن هذا إلا ملك كريم ﴾ وما نرى عليك من لوم بعد الذي رأينا.
وأخرج أبو الشيخ عن منبه عن أبيه قال : مات من النسوة اللاتي قطعن أيديهن، تسع عشرة امرأة كمداً.


الصفحة التالية
Icon