قال : فإني رسول رب العالمين، وأنا الروح الأمين. قال : فما الذي أدخلك إلى مدخل المذنبين، وأنت أطيب الطيبين، ورأس المقربين، وأمين رب العالمين؟؟؟... قال : ألم تعلم يا يوسف، أن الله يطهر البيوت بمطهر النبيين؟ وأن الأرض التي تدخلونها هي أطيب الأرضين؟ وأن الله قد طهر بك السجن وما حوله بأطهر الطاهرين وابن المطهرين؟ إنما يتطهر بفضل طهرك وطهر آبائك الصالحين المخلصين. قال : كيف تسميني بأسماء الصديقين وتعدني من المخلصين، وقد دخلت مدخل المذنبين، وسميت بالضالين المفسدين؟... قال : لم يفتن قلبك الحزن، ولم يدنس حريتك الرق، ولم تطع سيدتك في معصية ربك، فلذلك سماك الله بأسماء الصديقين، وعدّك مع المخلصين، وألحقك بآبائك الصالحين. قال : هل لك علم بيعقوب؟ قال : نعم، وهب الله له الصبر الجميل، وابتلاه بالحزن عليك فهو كظيم. قال : فما قدر حزنه؟ قال : سبعين ثكلى. قال : فماذا له من الأجر؟ قال : قدر مائة شهيد.
وأخرج ابن جرير، عن عكرمة - رضي الله عنه - قال : أتى جبريل عليه السلام، يوسف عليه السلام وهو في السجن، فسلم عليه، فقال له يوسف : أيها الملك الكريم على ربه، الطيب ريحه، الطاهر ثيابه، هل لك علم بيعقوب؟ قال : نعم، ما أشد حزنه!.. قال : ماذا له من الأجر؟ قال : أجر سبعين ثكلى. قال : أفتراني لاقيه؟ قال : نعم. فطابت نفس يوسف.
وأخرج ابن جرير، عن الحسن - رضي الله عنه - عن النبي ﷺ، أنه سئل « ما بلغ وجد يعقوب على ابنه؟ قال : وجد سبعين ثكلى. قيل فما كان له من الأجر؟ قال : أجر مائة شهيد، وما ساء ظنه بالله ساعة من ليل أو نهار ».
وأخرج أحمد في الزهد، عن عمرو بن دينار أنه ألقي على يعقوب عليه السلام حزن سبعين مثكل، ومكث في ذلك الحزن ثمانين عاماً.