وأخرج أبو الشيخ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما ﴿ إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ﴾ لا يغير ما بهم من النعمة حتى يعملوا بالمعاصي، فيرفع الله عنهم النعم.
وأخرج ابن أبي شيبة في كتاب العرش، وأبو الشيخ وابن مردويه، عن علي - رضي الله عنه - عن رسول الله ﷺ يقول الله « وعزتي وجلالي وارتفاعي فوق عرشي، ما من أهل قرية ولا أهل بيت ولا رجل ببادية، كانوا على ما كرهته من معصيتي، ثم تحوّلوا عنها إلى ما أحببت من طاعتي، إلا تحوّلت لهم عما يكرهون من عذابي إلى ما يحبون من رحمتي؛ وما من أهل بيت ولا قرية ولا رجل ببادية كانوا على ما أحببت من طاعتي، ثم تحولوا عنها إلى ما كرهت من معصيتي، إلا تحولت لهم عما يحبون من رحمتي إلى ما يكرهون من غضبي ».
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ، عن ابن زيد - رضي الله عنه - قال : أتى عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة إلى رسول الله ﷺ، فقال له عامر :« ما تجعل لي إن اتبعتك؟ قال : أنت فارس، أعطيك أعنة الخيل. قال : فقط؟ قال : فما تبغي؟ قال : لي الشرق ولك الغرب، ولي الوبر ولك المدر. قال : لا. قال : لأملأنها إذاً عليك خيلاً ورجالاً. قال : يمنعك الله ذلك » وأتيا قبيلة تدعى الأوس والخزرج، فخرجا، فقال عامر لأربد : إن كان الرجل لنا يمكنا لو قتلناه ما انتطحت فيه عنزان، ولرضوا بأن نعقله لهم، وأحبوا السلم وكرهوا الحرب إذا رأوا أمراً قد وقع، فقال الآخر : إن شئت. فتشاورا وقال : أرجع، أنا أشغله عنك بالمجادلة، وكن وراءه فاضربه بالسيف ضربة واحدة، فكانا كذلك، واحد وراء النبي ﷺ، والآخر قال : أقصص عليّ قصصك. قال : ما تقول؟ قال : قرأتك، فجعل يجادله ويستبطئه، حتى قال له ما لك، أحشمت؟ قال : وضعت يدي على قائم السيف فيبست، فما قدرت على أن أحلي ولا أمري، فجعل يحركها ولا تتحرك، فخرجا، فلما كانا بالحرة سمع بذلك سعد بن معاذ وأسيد بن خضير، فخرجا إليه على كل واحد منهما لأمته ورمحه بيده، وهو متقلد سيفه، فقال أسيد لعامر بن الطفيل : يا أعور الخبيث، أنت الذي تشترط على رسول الله ﷺ ؟! لولا أنك في أمان من رسول الله ﷺ، ما رمت المنزل حتى ضربت عنقك.


الصفحة التالية
Icon