وأخرج البخاري عن سراقة بن مالك رضي الله عنه قال : خرجت أطلب النبي ﷺ وأبا بكر رضي الله عنه، حتى إذا دنوت منهما عثرت بي فرسي، فقمت فركبت حتى إذا سمعت قراءة رسول الله ﷺ وهو لا يلتفت وأبو بكر رضي الله عنه يكثر التلفت، ساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين، فخررت عنها ثم زجرتها فنهضت فلم تكد تخرج يديها، فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها عنان ساطع في السماء مثل الدخان، فناديتهما بالأمان : فوقفا لي ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهما أنه سيظهر رسول الله ﷺ.
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :« لما خرج رسول الله ﷺ من الليل لحق بغار ثور قال : وتبعه أبو بكر رضي الله عنه، فلما سمع رسول الله ﷺ حسَّه خلفه خاف أن يكون الطلب، فلما رأى ذلك أبو بكر رضي الله عنه تنحنح، فلما سمع ذلك رسول الله ﷺ عرفه فقام له حتى تبعه فأتيا الغار، فأصبحت قريش في طلبه فبعثوا إلى رجل من قافة بني مدلج، فتبع الأثر حتى انتهى إلى الغار وعلى بابه شجرة، فبال في أصلها القائف ثم قال : ما جاز صاحبكم الذي تطلبون هذا المكان.
قال : فعند ذلك حزن أبو بكر رضي الله عنه فقال له رسول الله ﷺ »
لا تحزن إن الله معنا « قال : فمكث هو وأبو بكر رضي الله عنه في الغار ثلاثة أيام يختلف إليهم بالطعام عامر بن فهيرة وعلي يجهزهم، فاشتروا ثلاثة أباعر من إبل البحرين واستأجر لهم دليلاً، فلما كان بعض الليل من الليلة الثالثة أتاهم علي رضي الله عنه بالإِبل والدليل، فركب رسول الله ﷺ راحلته وركب أبو بكر أخرى فتوجهوا نحو المدينة وقد بعثت قريش في طلبه
. »
وأخرج ابن سعد عن ابن عباس وعلي وعائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهم وعائشة بنت قدامة وسراقة بن جعشم دخل حديث بعضهم في بعض قالوا :« خرج رسول الله ﷺ والقوم جلوس على بابه، فأخذ حفنة من البطحاء فجعل يدرها على رؤوسهم ويتلو ﴿ يس. والقرآن الحكيم ﴾ [ يس : ١ - ٢ ] الآيات ومضى، فقال لهم قائل ما تنتظرون؟ قالوا : محمداً. قال : قد - والله - مر بكم. قالوا : والله ما أبصرناه! وقاموا ينفضون التراب عن رؤوسهم، وخرج رسول الله ﷺ وأبو بكر رضي الله عنه إلى غار ثور فدخلاه، وضربت العنكبوت على بابه بعشاش بعضها على بعض، وطلبته قريش أشد الطلب حتى انتهت إلى باب الغار، فقال بعضهم : إن عليه لعنكبوتا قبل ميلاد محمد ».


الصفحة التالية
Icon