وأمر بعدوانهم فقال :﴿ فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين ﴾ ثم أمر بالخروج إلى المدينة فقدم في ثمان ليالٍ خلون من شهر ربيع الأول، ثم كانت وقعة بدر. ففيهم أنزل الله ﴿ وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم ﴾ [ الأنفال : ٧ ] وفيهم نزلت ﴿ سيهزم الجمع ﴾ [ القمر : ٤٥ ] وفيهم نزلت ﴿ حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب ﴾ [ المؤمنون : ٦٤ ] وفيهم نزلت ﴿ ليقطع طرفاً من الذين كفروا ﴾ [ آل عمران : ١٢٧ ] وفيهم نزلت ﴿ ليس لك من الأمر شيء ﴾ [ آل عمران : ١٢٨ ] أراد الله القوم وأراد رسول الله العير، وفيهم نزلت ﴿ ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً... ﴾ [ إبراهيم : ٢٨ ] الآية. وفيهم نزلت ﴿ قد كان لكم آية في فئتين التقتا ﴾ [ آل عمران : ١٣ ] في شأن العير ﴿ والركب أسفل منكم ﴾ [ الأنفال : ٤٢ ] أخذوا أسفل الوادي. فهذا كله في أهل بدر، وكانت قبل بدر بشهرين سرية يوم قتل ابن الحضرمي، ثم كانت أحد، ثم يوم الأحزاب بعد أحد بسنتين، ثم كانت الحديبية - وهو يوم الشجرة - فصالحهم النبي ﷺ يومئذ على أن يعتمر في عام قابل في هذا الشهر. ففيها أنزلت ﴿ الشهر الحرام بالشهر الحرام ﴾ [ البقرة : ١٩٤ ] فشهر العام الأول بشهر العام فكانت ﴿ الحرمات قصاص ﴾ ثم كان الفتح بعد العمرة، ففيها نزلت ﴿ حتى إذا فتحنا عليهم باباً ذا عذاب شديد... ﴾ [ المؤمنون : ٧٧ ] الآية. وذلك أن النبي ﷺ غزاهم ولم يكونوا أعدوا له أهبة القتال، ولقد قتل من قريش يومئذ اربعة رهط من حلفائهم، ومن بني بكر خمسين أو زيادة. وفيهم نزلت - لما دخلوا في دين الله ﴿ هو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار ﴾ [ المؤمنون : ٧٨ ] ثم خرج إلى حنين بعد عشرين ليلة، ثم إلى المدينة، ثم أمر أبا بكر على الحج. ولما رجع أبو بكر من الحج، غزا رسول الله ﷺ تبوك، ثم حج رسول الله ﷺ العام المقبل، ثم ودع الناس، ثم رجع فتوفي لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع في قوله ﴿ إنا كفيناك المستهزئين ﴾ قال : هؤلاء فيما سمعنا خمسة رهط، استهزأوا بالنبي ﷺ. فلما أراد صاحب اليمن أن يرى النبي ﷺ، أتاه الوليد بن المغيرة فزعم أن محمداً ساحر. وأتاه العاص بن وائل وأخبره أن محمداً يعلم أساطير الأولين، فجاءه آخر فزعم أنه كاهن، وجاءه آخر فزعم أنه شاعر، وجاء آخر فزعم أنه مجنون فكفى الله محمداً أولئك الرهط في ليلة واحدة، فأهلكهم بألوان من العذاب... كل رجل منهم أصابه عذاب. فأما الوليد، فأتى على رجل من خزاعة وهو يريش نبلاً له، فمر به وهو يتبختر فأصابه منها سهم فقطع أكحله، فأهلكه الله.


الصفحة التالية
Icon