وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن مردويه من طريق قتادة رضي الله عنه، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن مالك بن صعصعة حدثه أن رسول الله حدثهم عن ليلة أسري به قال :« بينما أنا في الحطيم - وربما قال قتادة رضي الله عنه - في الحجر مضطجعاً، إذ أتاني آت فجعل يقول لصاحبه : الأوسط بين الثلاثة، فأتاني فشق ما بين هذه إلى هذه - يعني من ثغر نحره إلى شعرته - فاستخرج قلبي، فأوتيت بطست من ذهب مملوء إيماناً وحكمة فغسل قلبي بماء زمزم ثم حشى ثم أعيد مكانه. ثم أوتيت بدابة أبيض دون البغل وفوق الحمار يقال له البراق، يقع خطوه عند أقصى طرفه فحملت عليه فانطلق بي جبريل حتى أتى بي السماء الدنيا فاستفتح، فقيل : من هذا؟ قال : جبريل. قيل : ومن معك؟ قال : محمد. قيل : وقد بعث إليه؟ قال : نعم. قيل : مرحباً به، ولنعم المجيء جاء، ففتح لنا فلما خلصت فإذا فيها آدم فقلت : يا جبريل، من هذا؟ قال : هذا أبوك آدم عليه السلام، فسلم عليه. فسلمت عليه فرد علي السلام ثم قال : مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح. ثم صعد حتى أتى إلى السماء الثانية فاستفتح، فقيل : من هذا؟ قال : جبريل. قيل : ومن معك؟ قال : محمد. قيل : أو قد أرسل إليه؟ قال : نعم. قيل : مرحباً ولنعم المجيء جاء. ففتح لنا فلما خلصت إذا يحيى وعيسى وهما ابنا الخالة فقلت : يا جبريل، من هذان؟ قال : هذان يحيى وعيسى فسلم عليهما، فسلمت عليهما فردا السلام ثم قالا : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح. ثم صعد حتى أتى إلى السماء الثالثة فاستفتح، قيل : من هذا؟ قال : جبريل. قيل : ومن معك؟ قال : محمد. قيل : وقد أرسل إليه؟ قال : نعم. قيل : مرحباً به، ولنعم المجيء جاء. ففتح لنا فلما خلصت إذا يوسف فسلمت عليه فرد السلام ثم قال : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح. ثم صعد حتى أتى إلى السماء الرابعة فاستفتح، قيل : من هذا؟ قال : جبريل. قيل : ومن معك؟ قال : محمد. قيل : وقد أرسل إليه؟ قال : نعم. قيل : مرحباً به، ولنعم المجيء جاء. ففتح لنا فلما خلصت إذا إدريس فسلمت عليه فرد السلام ثم قال : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح ثم صعد حتى أتى السماء الخامسة فاستفتح، فقيل : من هذا؟ قال : جبريل. قيل : ومن معك؟ قال : محمد. قيل : وقد أرسل إليه؟ قال : نعم. قيل : مرحباً به، ولنعم المجيء جاء. فلما خلصت إذا هارون فسلمت عليه فرد عليّ السلام ثم قال : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح ثم صعد حتى أتى إلى السماء السادسة فاستفتح، فقيل : من هذا؟ قال : جبريل. قيل : ومن معك؟ قال : محمد. قيل : وقد أرسل إليه؟ قال : نعم. قيل : مرحباً به، ولنعم المجيء جاء. ففتح لنا فلما خلصت إذا أنا بموسى فسلمت عليه فرد السلام ثم قال : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح، فلما تجاوزت بكى. قيل له : ما يبكيك؟ قال : أبكي لأن غلاماً بُعِثَ بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي. ثم صعد حتى أتى إلى السماء السابعة فاستفتح، فقيل : من هذا؟ قال : جبريل. قيل : ومن معك؟ قال : محمد. قيل : وقد أرسل إليه؟ قال : نعم. قيل : مرحباً به، ولنعم المجيء جاء. ففتح لنا فلما خلصت إذا إبراهيم، قلت : من هذا يا جبريل قال : هذا أبوك إبراهيم فسلّم عليه، فسلمت عليه فرد السلام ثم قال : مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح. ثم رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجر وإذا ورقها مثل آذان الفيلة وإذا أربعة أنهار يخرجن من أصلها : نهران باطنان : ونهران ظاهران، فقلت : يا جبريل، ما هذه الأنهار... !؟ فقال : أما الباطنان، فنهران في الجنة. وأما الظاهران فالنيل والفرات، ثم رفع إليَّ البيت المعمور قلت : يا جبريل، ما هذا؟ قال : هذا البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألفاً من الملائكة، إذا خرجوا منه لم يعودوا فيه، آخر ما عليهم. ثم أُتِيتُ باناءين أحدهما خمر والآخر لبن، فعرضا عليّ فقيل : خذ أيهما شئت فأخذت اللبن فقيل لي : أصبت الفطرة، أنت عليها وأمتك. ثم فرضت عليَّ الصلاة خمسون صلاة كل يوم، فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فقال : ما فرض ربك على أمتك؟ قلت : خمسين صلاة كل يوم. قال : إن أمتك لا تستطيع ذلك وإني قد خبرت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك. فرجعت إلى ربي فحط عني خمساً، فأقبلت حتى أتيت على موسى فأنبأته بما حط فقال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، فإن أمتك لا يطيقون ذلك. قال : فما زلت بين موسى وبين ربي يحط عني خمساً خمساً حتى أقبلت بخمس صلوات، فأتيت على موسى فقال : بم أمرت؟ قلت : بخمس صلوات كل يوم. قال : إن أمتك لا يطيقون ذلك... إني قد بلوت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك. فقلت : لقد رجعت إلى ربي حتى لقد استحيت، ولكني أرضى وأسلم فنوديت أن يا محمد، إني قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي الحسنة بعشر أمثالها ».


الصفحة التالية
Icon