قالت : رضيت. ثم أتى على وادٍ فسمع شكوى ووجد ريحاً منتنة فقال : ما هذا يا جبريل؟ قال : هذا صوت جهنم، تقول : رب ائتني بما وعدتني، فلقد كثرت سلاسلي وأغلالي وسعيري وحميمي وضريعي وغساقي وعذابي، وقد بعد قعري واشتد حري فائتني ما وعدتني، قال : لك كل مشرك ومشركة وكافر وكافرة، وكل خبيث وخبيثة وكل جبار لا يؤمن بيوم الحساب. قالت : قد رضيت. ثم سار حتى أتى بيت المقدس فنزل فربط فرسه إلى صخرة، ثم دخل فصلى مع الملائكة عليهم السلام... فلما قضيت الصلاة قالوا : يا جبريل، من هذا معك؟ قال : محمد ﷺ. قالوا : وقد بعث إليه؟ قال : نعم. قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة، فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء. ثم لقي أرواح الأنبياء عليهم السلام فأثنوا على ربهم، فقال إبراهيم عليه السلام : الحمد لله الذي اتخذني خليلاً وأعطاني ملكاً عظيماً وجعلني أمة قانتاً يؤتم بي، وأنقذني من النار وجعلها عليّ برداً وسلاماً. ثم إن موسى عليه السلام أثنى على ربه تعالى فقال : الحمد لله الذي كلمني تكليماً وجعل هلاك آل فرعون ونجاة بني إسرائيل على يدي، وجعل من أمتي ﴿ قوماً يهدون بالحق وبه يعدلون ﴾ [ الأعراف : ١٥٩ ] ثم إن داود عليه السلام أثنى على ربه فقال : الحمد لله الذي جعل لي ملك عظيماً، وعلمني الزبور، وألان لي الحديد، وسخر لي الجبال يسبحن والطير، وأعطاني الحكمة وفصل الخطاب. ثم إن سليمان عليه السلام أثنى على ربه فقال : الحمد لله الذي سخر لي الرياح، وسخر لي الشياطين يعملون ما شئت من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات، وعلمني منطق الطير، وآتاني من كل شيء فضلاً، وسخر لي جنود الشياطين والإنس والطير، وفضلني على كثير من عباده المؤمنين، وآتاني ملكاً عظيماً لا ينبغي لأحد من بعدي، وجعل ملكي ملكاً طيباً، ليس فيه حساب، ثم إن عيسى عليه السلام أثنى على ربه فقال : الحمد لله الذي جعلني كلمته وجعل مثلي مثل آدم خلقه من تراب ثم قال له : كن فيكون، وعلمني الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل، وجعلني أخلق من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله، وجعلني أبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله، ورفعني وطهرني وأعاذني وأمي من الشيطان الرجيم، فلم يكن للشيطان علينا سبيل. ثم إن محمد ﷺ أثنى على ربه تعالى فقال :« كلكم أثنى على ربه وإني مثن على ربي » فقال :« الحمد لله الذي أرسلني رحمة للعالمين، وكافة للناس بشيراً ونذيراً، وأنزل علي الفرقان فيه تبيان لكل شيء، وجعل أمتي خير أمة أخرجت للناس، وجعل أمتي أمة وسطاً، وجعل أمتي هم الأولون والآخرون، وشرح لي صدري، ووضع عني وزري، ورفع لي ذكري، وجعلني فاتحاً وخاتماً ».


الصفحة التالية
Icon