ثم قال : تدري من الرجل الذي دعاك عن يسار الطريق؟ قال : لا، قال : تلك النصارى، دعتك إلى دينهم. ثم قال : تدري من المرأة الحسناء الجميلة؟ قال : لا، قال : تلك الدنيا تدعوك إلى نفسها، ثم انطلقا حتى أتيا بيت المقدس، فإذا هم بنفر جلوس، فقالوا مرحباً بالنبي الأمي، وإذا في النفر شيخ، قال : ومن هذا يا جبريل؟ قال : هذا أبوك إبراهيم، وهذا موسى، وهذا عيسى، ثم أقيمت الصلاة، فتدافعوا. حتى قدموا محمداً ﷺ، ثم أتوا بأشربة، فاختار النبي ﷺ اللبن، فقال له جبريل عليه السلام أصبت الفطرة، ثم قيل له : قم إلى ربك، فقام فدخل، ثم جاء فقيل له : ماذا صنعت؟ قال :« فرضت على أمتي خمسون صلاة » فقال له موسى عليه السلام : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، فإن أمتك لا تطيق هذا، فرجع ثم جاء فقال له موسى عليه السلام : ماذا صنعت؟ فقال :« ردها إلى خمس وعشرين صلاة » فقال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فرجع ثم جاء فقال : ردها إلى اثنتي عشرة، فقال موسى عليه السلام : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فرجع ثم جاء فقال :« ردها إلى خمس » فقال موسى عليه السلام : ارجع فاسأله التخفيف قال :« قد استحيت من ربي فما أراجعه وقد قال لي ربي أن لك بكل ردة رددتها مسألة أعْطَيْتُكَها ».
وأخرج ابن عرفة في جزئه المشهور وأبو نعيم في الدلائل وابن عساكر في تاريخه من طريق أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« أتاني جبريل عليه السلام بدابة دون البغل وفوق الحمار، فحملني عليه ثم انطلق يهوي بنا كلما صعد عقبة استوت رجلاه كذلك مع يديه، وإذا هبط استوت يداه مع رجليه، حتى مررنا برجل طَوَال سِبْطَ آدم كأنه من رجال شنوأة، وهو يقول : ويرفع صوته أكرمته وفضلته، فدفعنا إليه فسلمنا، فرد السلام، فقال :» من هذا معك يا جبريل؟ قال : هذا أحمد قال : مرحباً بالنبي الأمي العربي الذي بلغ رسالة ربه ونصح لأمته، ثم اندفعنا، فقلت : من هذا يا جبريل؟ قال : هذا موسى بن عمران ﷺ، قلت : ومن يعاتب؟ قال : يعاتب ربه فيك، قلت : ويرفع صوته على ربه؟! قال : إن الله قد عرف له حديثه، ثم اندفعنا حتى مررنا بشجرة كأن ثمرها السراح تحتها شيخ وعياله، فقال لي جبريل عليه السلام : اعمد إلى أبيك إبراهيم، فدفعنا إليه فسلمنا عليه فرد السلام، فقال إبراهيم : من معك يا جبريل؟ قال : هذا ابنك أحمد، فقال : مرحباً بالنبي الأمي الذي بلغ رسالة ربه ونصح لأمته، يا بني، إنك لاق ربك الليلة، وإن أمتك آخر الأمم وأضعفها، فإن استطعت أن تكون حاجتك أو جلها في أمتك فافعل، ثم اندفعنا حتى انتهينا إلى المسجد الأقصى، فنزلت فربطت الدابة بالحلقة التي في باب المسجد التي كانت الأنبياء عليهم السلام تربط بها، ثم دخلت المسجد فعرفت النبيين من بين قائم وراكع وساجد، ثم أتيت بكأسين من عسل ولبن، فأخذت اللبن فشربت، فضرب جبريل عليه السلام منكبي، وقال أصبت الفطرة، ثم أقيمت الصلاة فأممتهم ثم انصرفنا فأقبلنا «.


الصفحة التالية
Icon