« صليت ليلة أسري بي في مقدم المسجد، ثم دخلت إلى الصخرة، فإذا ملك قائم معه آنية ثلاث، فتناولت العسل، فشربت منه قليلاً، ثم تناولت الآخر فشربت منه حتى رويت، فإذا هو لبن، فقال اشرب من الآخر، فإذا هو خمر، قلت قد رويت. قال : أما أنك لو شربت من هذا لم تجتمع أمتك على الفطرة أبداً، ثم انطلق بي إلى السماء، ففرضت عليّ الصلاة، ثم رجعت إلى خديجة رضي الله عنها وما تحوّلت عن جانبها الآخر ».
وأخرج الطبراني وابن مردويه، عن أم هانئ رضي الله عنها قالت : بات رسول الله ﷺ ليلة أسري به في بيتي، ففقدته من الليل، فامتنع عني النوم مخافة أن يكون عرض له بعض قريش، فقال رسول الله ﷺ :« إن جبريل عليه السلام أتاني فأخذ بيدي فأخرجني فإذا على الباب دابة دون البغل وفوق الحمار، فحملني عليها ثم انطلق حتى أتى بي إلى بيت المقدس، فأراني إبراهيم يشبه خلقه خلقي، ويشبه خلقي خلقه، وأرأني موسى آدم طوالاً، سبط الشعر أشبهه برجال ازد شنوأة، وأراني عيسى ابن مريم ربعة أبيض يضرب إلى الحمرة شبهته بعروة بن مسعود الثقفي، وأراني الدجال ممسوح العين اليمنى شبهته بقطن بن عبد العزى، قال : وأنا أريد أن أخرج إلى قريش فأخبرهم ما رأيت » فأخذت بثوبه، فقلت إني أذكرك الله، إنك تأتي قوماً يكذبونك وينكرون مقالتك، فأخاف أن يسطوا بك، قالت : فضرب ثوبه من يدي، ثم خرج إليهم فأتاهم وهم جلوس، فأخبرهم، فقام مطعم بن عدي فقال : يا محمد، لو كنت شاباً كما كنت ما تكلمت بما تكلمت به وأنت بين ظهرانينا. فقال رجل من القوم : يا محمد، هل مررت بإبل لنا في مكان كذا وكذا؟ قال :« نعم، والله وجدتهم قد أضلوا بعيراً لهم فهم في طلبه » قال : هل مررت بإبل لبني فلان قال :« نعم وجدتهم في مكان كذا وكذا، قد انكسرت لهم ناقة حمراء، فوجدتهم وعندهم قصعة من ماء فشربت ما فيها » قالوا : فأخبرنا عن عدتها وما فيها من الرعاء. قال :« قد كنت عن عدتها مشغولاً » فقام وأتى بالإبل فعدها وعلم ما فيها من الرعاء. ثم أتى قريشاً فقال لهم :« سألتموني عن إبل بني فلان، فهي كذا وكذا، وفيها من الرعاء فلان وفلان، وسألتموني عن إبل بني فلان فهي كذا وكذا وفيها من الرعاء ابن أبي قحافة وفلان وفلان وهي مصبحتكم الغداة الثنية » فقعدوا إلى الثنية ينظرون أصدقهم ما قال، فاستقبلوا الإبل فسألوا، هل ضل لكم بعير؟ قالوا : نعم. فسألوا الآخر، هل انكسر لكم ناقة حمراء؟ قالوا : نعم. قال : فهل كان عندكم قصعة من ماء؟ قال أبو بكر رضي الله عنه : والله أنا وضعتها فما شربها أحد منا ولا أهريقت في الأرض، فصدقه أبو بكر رضي الله عنه وآمن به، فسمي يومئذ الصديق.


الصفحة التالية
Icon