قال : قالت قريش حين أنزل ﴿ وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله ﴾ ما نراك يا محمد تملك من شيء ولقد فرغ من الأمر. فأنزلت هذه الآية تخويفاً لهم ووعيداً لهم ﴿ يمحو الله ما يشاء ويثبت ﴾ إنا إن شئنا أحدثنا له من أمرنا ما شئنا، ويحدث الله تعالى في كل رمضان فيمحو الله ما يشاء ﴿ ويثبت ﴾ من أرزاق الناس ومصائبهم، وما يعطيهم وما يقسم لهم.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله ﴿ يمحو الله ما يشاء ويثبت ﴾ قال : ينزل الله تعالى في كل شهر رمضان إلى سماء الدنيا، يدبر أمر السنة إلى السنة في ليلة القدر، فيمحو ما يشاء، إلا الشقوة والسعادة، والحياة والممات.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - ﴿ يمحو الله ما يشاء ﴾ هو الرجل، يعمل الزمان بطاعة الله، ثم يعود لمعصية الله فيموت على ضلاله، فهو الذي يمحو والذي يثبت، الرجل يعمل بمعصية الله تعالى وقد سبق له خير حتى يموت وهو في طاعة الله سبحانه وتعالى.
وأخرج ابن جرير ومحمد بن نصر وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - ﴿ يمحو الله ما يشاء ويثبت ﴾ قال : من أحد الكتابين هما كتابان يمحو الله ما يشاء من أحدهما ويثبت ﴿ وعنده أم الكتاب ﴾ أي جملة الكتاب.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : إن لله لوحاً محفوظاً مسيرة خمسمائة عام من درة بيضاء، له دفتان من ياقوت، والدفتان لوحان لله كل يوم ثلاث وستون لحظة يمحو ما يشاء ﴿ ويثبت وعنده أم الكتاب ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والطبراني، عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله ﷺ :« إن الله تعالى ينزل في ثلاث ساعات يبقين من الليل فينسخ الذكر في الساعة الأولى منها، ينظر في الذكر الذي لا ينظر فيه أحد غيره، فيمحو ما يشاء ويثبت. ثم ينزل في الساعة الثانية إلى جنة عدن، وهي داره التي لم ترها عين ولم تخطر على قلب بشر، لا يسكنها من بني آدم غير ثلاثة : النبيين والصديقين والشهداء، ثم يقول : طوبى لمن نزلك. ثم ينزل في الساعة الثالثة إلى السماء الدنيا بروحه وملائكته، فتنتفض، فيقول : قومي بعزتي، ثم يطلع إلى عباده فيقول : هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من داع فأجيبه؟ حتى يصلي الفجر، وذلك قوله ﴿ إن قرآن الفجر كان مشهوداً ﴾ [ الإِسراء : ٧٨ ] يقول : يشهده الله وملائكة الليل والنهار ».