واخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن جرير، عن عبد الله بن شداد رضي الله عنه قال : لما أسري بالنبي ﷺ أتى بدابة دون البغل وفوق الحمار يضع حافره عند منتهى طرفه، يقال له البراق. ومر رسول الله ﷺ بعير للمشركين، فنفرت فقالوا : يا هؤلاء ما هذا؟ فقالوا ما نرى شيئاً؛ ما هذه الرائحة إلا ريح، حتى أتى بيت المقدس، فأتى بإناءين : في أحدهما خمر، وفي الآخر لبن فأخذ اللبن فقال جبريل عليه السلام :« هديت وهديت أمتك ».
وأخرج ابن سعد وابن عساكر، عن الواقدي، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي سبرة وغيره من رجاله قالوا : كان رسول الله ﷺ يسأل ربه أن يريه الجنة والنار فلما كان ليلة السبت لسبع عشرة خلت من رمضان قبل الهجرة بثمانية عشر شهراً ورسول الله ﷺ نائم في بيته ظهراً أتاه جبريل وميكائيل، فقالا : انطلق إلى ما سألت الله، فانطلقا به إلى السموات ما بين المقام وزمزم، فأتي بالمعراج، فإذا هو أحسن شيء منظراً، فعرج به إلى السموات سماءً سماءً فلقي فيها الأنبياء وانتهى إلى سدرة المنتهى، ورأى الجنة والنار. قال رسول الله ﷺ :« ولما انتهيت إلى السماء السابعة لم أسمع إلا صريف الأقلام » وفرضت عليه الصلوات الخمس ونزل جبريل عليه السلام، فصلى برسول الله ﷺ الصلوات في مواقيتها.
وأخرج ابن مردويه، عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ منذ أسري به، ريحه ريح عروس وأطيب من ريح عروس.
وأخرج ابن مردويه، عن جبير قال : سمعت سفيان الثوري رضي الله عنه سئل، عن ليلة أسري به، فقال : أسري ببدنه.
وأخرج أبو نعيم في الدلائل، عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه، قال : بعث رسول الله ﷺ دحية الكلبي رضي الله عنه إلى قيصر وكتب إليه معه، فلقيه بحمص ودعا الترجمان، فإذا في الكتاب من محمد رسول الله، إلى قيصر صاحب الروم، فغضب أخ له وقال : تنظر في كتاب رجل بدأ بنفسه قبلك، وسماك قيصر صاحب الروم ولم يذكر أنك ملك؟! قال له قيصر : إنك والله ما علمت أحمق صغيراً، مجنوناً كبيراً : تريد أن تحرق كتاب رجل قبل أن أنظر فيه؟ فلعمري لئن كان رسول الله كما يقول : فنفسه أحق أن يبدأ بها مني، وإن كان سماني صاحب الروم، فلقد صدق، ما أنا إلا صاحبهم وما أملكهم، ولكن الله سخرهم لي ولو شاء لسلطهم علي، ثم قرأ قيصر الكتاب، فقال : يا معشر الروم، إني لأظن هذا الذي بشر به عيسى ابن مريم، ولو أعلم أنه هو مشيت إليه حتى أخدمه بنفسي، لا يسقط وضوءه إلا على يدي، قالوا : ما كان الله ليجعل ذلك في الإِعراب الأميين ويدعنا، ونحن أهل الكتاب قال : فأصل الهدى بيني وبينكم الإِنجيل، ندعو به فنفتحه، فإن كان هو إياه اتبعناه، وإلا أعدنا عليه خواتمه كما كانت إنما هي خواتيم مكان خواتم قال : وعلى الإِنجيل يومئذ اثنا عشر خاتماً من ذهب ختم عليه هرقل، فكان كل ملك يليه بعده ظاهر عليه بخاتم آخر، حتى ألقى ملك قيصر وعليه إثنا عشر خاتماً، يخبر أوّلهم لآخرهم أنه لا يحل لهم أن يفتحوا الإنجيل في دينهم، وإنهم يوم يفتحونه يغير دينهم ويهلك ملكهم، فدعا بالإنجيل ففض عنه أحد عشر خاتماً حتى بقي عليه خاتم واحد، فقامت الشمامسة والأساقفة والبطارقة، فشقوا ثيابهم وصكوا وجوههم ونتفوا رؤوسهم! قال : ما لكم؟ قالوا : اليوم يهلك ملك بيتك، وتغير دين قومك.


الصفحة التالية
Icon