وأخرج الخطيب، عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« لما أسري بي إلى السماء قربني الله تعالى حتى كان بيني وبينه كقاب قوسين أو أدنى لا بل أدنى، وعلمني المسميات، قال : يا محمد، قلت : لبيك يا رب، قال : هل غمك أن جعلتك آخر النبيين؟ قلت : يا رب، لا. قال : فهل غم أمتك أن جعلتهم آخر الأمم؟ قلت : يا رب لا، قال : أبلغ أمتك مني السلام، وأخبرهم أني جعلتهم آخر الأمم، لأفضح الأمم عندهم، ولا أفضحهم عند الأمم ».
وأخرج الطبراني، عن أم هانئ رضي الله عنها قالت : قال رسول الله ﷺ لما أسري به :« إني أريد أن أخرج إلى قريش فأخبرهم » فكذبوه، وصدقه أبو بكر الصديق رضي الله عنه فسمي يومئذ الصديق.
وأخرج ابن جرير من طريق ابن شهاب رضي الله عنه قال : أخبرني ابن المسيب وأبو أسامة بن عبد الرحمن، أن رسول الله ﷺ - أسري به على البراق - وهي دابة إبراهيم التي كان يزور عليها البيت الحرام، يقع حافرها موضع طرفها. قال : فمرت بعير من عيرات قريش - بواد من تلك الأودية، فنفر بعير عليه غرارتان سوداء وزرقاء، حتى أتى رسول الله ﷺ إيليا، فأتي بقدحين قدح خمر وقدح لبن، فأخذ رسول الله ﷺ اللبن. قال له جبريل عليه السلام : هديت إلى الفطرة، لو أخذت قدح الخمر غوت أمتك.
قال ابن شهاب رضي الله عنه : فأخبرني ابن المسيب أن رسول الله ﷺ لقي هناك إبراهيم وموسى وعيسى، فنعتهم رسول الله ﷺ، فقال : أما موسى فضرب، رجل الرأس كأنه من رجال شنوأة، وأما عيسى فرجل أحمر كأنما خرج من ديماس، فأشبه من رأيت به عروة بن مسعود الثقفي، وأما إبراهيم فأنا أشبه ولده به.
فلما رجع رسول الله - ﷺ - حدث قريشاً أنه أسري به، فارتد ناس كثير بعدما أسلموا. قال أبو سلمة : فأتى أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - فقيل له : هل لك في صاحبك؟ يزعم أنه أسري به إلى بيت المقدس. ثم رجع في ليلة واحدة. قال أبو بكر رضي الله عنه : أو قال ذلك؟ قالوا : نعم. قال : فأشهد إن كان قال ذلك، لقد صدق. قالوا : أفتشهد أنه جاء الشام في ليلة واحدة؟ قال : إني أصدقه بأبعد من ذلك! أصدقه بخبر السماء.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف، عن ابن جريج قال نافع بن جبير رضي الله عنه وغيره : لما أصبح النبي ﷺ من الليلة التي أسري به فيها، لم يرعه إلا جبريل عليه السلام يتدلى حين زاغت الشمس، ولذلك سميت الأولى، فأمر بلالاً يصيح في الناس الصلاة جامعة فاجتمعوا، فصلى جبريل بالنبي ﷺ - وصلى النبي ﷺ - للناس، طوّل الركعتين الأوليين، ثم قصر في الباقيتين، ثم سلم جبريل - عليه السلام - على النبي ﷺ، وسلم النبي ﷺ على الناس، ثم في العصر عمل مثل ذلك، ففعلوا كما فعلوا في الظهر، ثم نزل في أول الليل، فصيح الصلاةُ جامعة، فصلى جبريل عليه السلام للنبي ﷺ - وصلى النبي ﷺ - للناس طوّل في الأولتين وقصر في الثالثة، ثم سلم جبريل عليه السلام على النبي ﷺ، ثم سلم النبي ﷺ على الناس، ثم لما ذهب ثلث الليل نزل فصيح الصلاة جامعة، فاجتمعوا فصلى جبريل عليه السلام للنبي ﷺ وصلى النبي ﷺ للناس، فقرأ في الأولتين فطوّل وجَهَرَ وقصر في الباقيتين، ثم سلم جبريل على النبي ﷺ، والنبي ﷺ على الناس، ثم لما طلع الفجر صيح الصلاة جامعة، فصلى جبريل عليه السلام للنبي - ﷺ - وصلى النبي ﷺ للناس، فقرأ فيهما وجهر وطول ورفع صوته، ثم سلم جبريل عليه السلام على النبي ﷺ - وسلم النبي ﷺ على الناس.


الصفحة التالية
Icon