فاستجاب له، ورفع عنهم الموت، فرأى داود عليه السلام الملائكة - عليهم السلام - سالين سيوفهم يغمدونها، يرفعون في سلم من ذهب من الصخرة، فقال داود : هذا مكان ينبغي أن يبنى فيه لله مسجد أو تكرمة، وأراد أن يأخذ في بنيانه، فأوحى الله إليه : هذا بيت المقدس، وإنك بسطت يدك في الدماء فلست ببانيه، ولكن ابن لك بعدك اسمه سليمان، أسلمه من الدماء. فلما ملك سليمان ﷺ بناه وشرفه، فلما أراد سليمان عليه السلام أن يبنيه قال للشياطين : إن الله تعالى أمرني أن أبني بيتاً له لا يقطع فيه حجر بحديدة. فقالت الشياطين : لا يقدر على هذا إلا شيطان في البحر له مشربة يردها، فانطلقوا إلى مشربته فأخرجوا ماءها، وجعلوا مكانه خمراً فجاء يشرب، فوجد ريحاً، فقال شيئاً ولم يشرب، فلما اشتد ظمؤه جاء فشرب فأخذ، فبينما هم في الطريق إذا هم برجل يبيع الثوم بالبصل فضحك، ثم مر بامرأة تكهن لقوم فضحك، فلما انتهى إلى سليمان أخبر بضحكه، فسأله؟ فقال : مررت برجل يبيع الدواء بالداء، ومررت بامرأة تكهن وتحتها كنز لا تعلم به. فذكر له شأن البناء، فأمر أن يؤتى بقدر من نحاس لا تقلها البقر. فجعلوها على فروخ النسر، ففعلوا ذلك، فأقبل إليه، فلم يصل إلى فروخه، فعلا في جوّ السماء ثم تدلى فأقبل بعود في منقاره فوضعه على القدر فانفلقت، فعمدوا إلى ذلك العود فأخذوه فعملوا به الحجارة.
وأخرج ابن سعد، عن سالم أبي النضر رضي الله عنه قال : لما كثر المسلمون في عهد عمر رضي الله عنه ضاق بهم المسجد، فاشترى عمر رضي الله عنه ما حول المسجد من الدور، إلا دار العباس بن عبد المطلب وحجر أمهات المؤمنين، فقال عمر رضي الله عنه للعباس : يا أبا الفضل إن مسجد المسلمين قد ضاق بهم، وقد ابتعت ما حوله من المنازل؛ نوسع به على المسلمين في مسجدهم إلا دارك وحجر أمهات المؤمنين. قال عمر : فأما حجر أمهات المؤمنين فلا سبيل إليها، وأما دارك فبعنيها بما شئت من بيت مال المسلمين، أوسع بها في مسجدهم. فقال العباس - رضي الله عنه - ما كنت لأفعل. فقال عمر رضي الله عنه : اختر مني أحدى ثلاث : إما أن تبيعنيها بما شئت من بيت مال المسلمين، وإما أن أحطك حيث شئت من المدينة وأبنيها لك من بيت مال المسلمين، وإما أن تصدق بها على المسلمين فيوسع بها في مسجدهم.


الصفحة التالية
Icon