قال : ثم مه؟ قالوا : ثم يكون بعدك ملك يفخر على الناس، ثم يكون ملك يخشى الناس شدته، ثم يكون ملك لا يقله شيء، إنما هو مثل الحديد يعني الإسلام فأمر بحصن فبني له، بينه وبين السماء، ثم جعل ينطقه بمقاعد الرجال والاحراس، وقال لهم : إنما هي هذه الليلة لا يجوز عليكم أحد، وإن قال أنا بختنصر إلا قتلتموه مكانه، كائناً من كان من الناس. فقعد كل أناس في مكانهم الذي وكلوا به. واهتاج بطنه من الليل، فكره أن يرى مقعده هناك. وضرب على أسمخة القوم، فاستثقلوا نوماً، فأتى عليهم وهم نيام، ثم أتى عليهم فاستيقظ بعضهم، فقال : من هذا؟ قال : بختنصر. قال : هذا الذي حفي إلينا فيه الليلة. فضربه فقتله، فأصبح الخبيث قتيلاً.
وأخرج ابن جرير نحوه أخصر منه عن سعيد بن جبير رضي الله عنه، وعن السدي وعن وهب بن منبه.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن المسيب قال : ظهر بختنصر على الشام، فخرب بيت المقدس وقتلهم، ثم أتى دمشق فوجد بها دماً يغلي على كباء فسألهم ما هذا الدم؟ قالوا : أدركنا آبائنا على هذا وكلما [ ٧ ] ظهر عليهم الكباء ظهر، فقتل على ذلك الدم سبعين ألفاً من المسلمين وغيرهم فسكن.
وأخرج ابن عساكر، عن الحسن رضي الله عنه : أن بختنصر لما قتل بني إسرائيل وهدم بيت المقدس وسار بسبايا بني إسرائيل إلى أرض بابل، فسامهم سوء العذاب، أراد أن يتناول السماء، فطلب حيلة يصعد بها، فسلط الله عليه بعوضة، فدخلت منخره فوقفت في دماغه، فلم تزل تأكل دماغه وهو يضرب رأسه بالحجر حتى مات.
وأخرج ابن جرير، عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« إن بني إسرائيل لما اعتدوا في السبت وعلوا وقتلوا الأنبياء عليهم السلام بعث الله عليهم ملك فارس بختنصر، وكان الله ملكه سبعمائة سنة، فسار إليهم حتى دخل بيت المقدس، فحاصرها وفتحها، وقتل على دم زكريا عليه السلام سبعين ألفاً، ثم سبى أهلها وبني الأنبياء، وسلب حلى بيت المقدس، واستخرج منها سبعين ألفاً ومائة ألف عجلة من حلى، حتى أورده بابل » قال حذيفة - رضي الله عنه - فقلت : يا رسول الله، لقد كان بيت المقدس عظيماً عند الله؟! قال :« » أجل « فبناه سليمان بن داود - عليه السلام - من ذهب ودر وياقوت وزبرجد وكان بلاطة ذهبا وبلاطة فضة، وعمده ذهباً، أعطاه الله ذلك وسخر له الشياطين يأتونه بهذه الأشياء في طرفة عين، فسار بختنصر بهذه الأشياء حتى نزل بها بابل، فأقام بنو إسرائيل مائة سنة يعذبهم المجوس وأبناء المجوس، فيهم الأنبياء وأبناء الأنبياء، ثم إن الله رحمهم، فأوحى إلى ملك من ملوك فارس يقال له كورس - وكان مؤمناً - أن : سر إلى بقايا بني إسرائيل حتى تستنقذهم، فسار كورس ببني إسرائيل ودخل بيت المقدس حتى رده إليه، فأقام بنو إسرائيل مطيعين لله مائة سنة، ثم إنهم عادوا في المعاصي، فسلط عليهم ابطنانحوس فغزا ثانياً بمن غزا مع بختنصر، فغزا بني إسرائيل، حتى أتاهم بيت المقدس، فسبى أهلها وأحرق بيت المقدس. وقال لهم : يا بني إسرائيل، إن عدتم في المعاصي، عدنا عليكم في السباء، فعادوا في المعاصي، فسير الله عليهم السباء الثالث : ملك رومية يقال له فاقس بن اسبايوس، فغزاهم في البر والبحر فسباهم، وسيَّر حلى بيت المقدس وأحرق بيت المقدس بالنيران، فقال رسول الله ﷺ :- » فهذا من صفة حلى بيت المقدس ويرده المهدي إلى بيت المقدس، وهو ألف سفينة وسبعمائة سفينة يرسى بها على يافا، حتى تنتقل إلى بيت المقدس وبها يجتمع إليه الأوّلون والآخرون «.