وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله :﴿ وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفوراً ﴾ قال : بغضاً لما تتكلم به لئلا يسمعوه، كما كان قوم نوح يجعلون أصابعهم في آذانهم، لئلا يسمعوا ما يأمرهم به من الاستغفار والتوبة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفوراً ﴾ قال : الشياطين.
وأخرج البخاري في تاريخه، عن أبي جعفر محمد بن علي أنه قال : لم كتمتم ﴿ بسم الله الرحمن الرحيم ﴾ فنعم الاسم والله كتموا! فإن رسول الله - ﷺ كان إذا دخل منزله، اجتمعت عليه قريش، فيجهر ( ببسم الله الرحمن الرحيم ) ويرفع صوته بها، فتولي قريش فراراً، فأنزل الله ﴿ وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفوراً ﴾.
وأخرج ابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ إذ يستمعون إليك ﴾ قال : عتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن المغيرة والعاص بن وائل.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ إذ يستمعون إليك ﴾ قال : هي في مثل قول الوليد بن المغيرة ومن معه في دار الندوة وفي قوله :﴿ فلا يستطيعون سبيلاً ﴾ قال : مخرجاً يخرجهم من الأمثال التي ضربوا لك، الوليد بن المغيرة، وأصحابه.
وأخرج ابن إسحق والبيهقي في الدلائل، عن الزهري رضي الله عنه قال : حدثت أن أبا جهل وأبا سفيان والأخنس بن شريق خرجوا ليلة يستمعون من رسول الله ﷺ وهو يصلي بالليل في بيته، فأخذ كل رجل منهم مجلساً يستمع فيه، وكل لا يعلم بمكان صاحبه، فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا، فجمعتهم الطريق فتلاوموا، فقال بعضهم لبعض : لا تعودوا، فلو رآكم بعض سفهائكم لأوقعتم في نفسه شيئاً، ثم انصرفوا حتى إذا كان الليلة الثانية، عاد كل رجل منهم إلى مجلسه، فباتوا يستمعون له حتى طلع الفجر تفرقوا، فجمعتهم الطريق فقال بعضهم لبعض : مثل ما قالوا أول مرة، ثم انصرفوا حتى إذا كانت الليلة الثالثة، أخذ كل واحد منهم مجلسه، فباتوا يستمعون له، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا، فجمعتهم الطريق، فقال بعضهم لبعض : لا نبرح حتى نتعاهد لا نعود، فتعاهدوا على ذلك ثم تفرقوا، فلما أصبح الأخنس أتى أبا سفيان في بيته فقال : أخبرني عن رأيك فيما سمعت من محمد. قال : والله لقد سمعت أشياء أعرفها وأعرف ما يراد بها، وسمعت أشياء ما عرفت معناها ولا ما يراد بها. قال الأخنس : وأنا والذي حلفت به. ثم خرج من عنده حتى أتى أبا جهل، فقال : ما رأيك فيما سمعت من محمد؟ قال : ماذا سمعت! تنازعنا نحن وبنو عبد مناف في الشرف، أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تجاثينا على الركب، وكنا كفرسي رهان؛ قالوا : منا نبي يأتيه الوحي من السماء، فمتى ندرك هذه، والله لا نؤمن به أبداً، ولا نصدقه فقام عنه الأخنس وتركه والله أعلم.