وأخرج ابن إسحق وابن جرير والطبراني وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان رسول الله ﷺ إذا جهر بالقرآن وهو يصلي، تفرقوا عنه وأبوا أن يستمعوا منه، فكان الرجل إذا أراد أن يسمع من رسول الله ﷺ بعض ما يتلو وهو يصلي، استرق السمع دونهم فرقاً منهم، فإن رأى أنهم قد عرفوا أنه يستمع، ذهب خشية أذاهم فلم يستمع. فإن خفض رسول الله ﷺ، لم يستمع الذين يستمعون من قراءته شيئاً. فأنزل الله ﴿ ولا تجهر بصلاتك ﴾ فيتفرقوا عنك ﴿ ولا تخافت بها ﴾ فلا تسمع من أراد أن يسمعها ممن يسترق ذلك، لعله يرعوي إلى بعض ما يستمع فينتفع به ﴿ وابتغ بين ذلك سبيلاً ﴾.
وأخرج ابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان النبي ﷺ يجهر بالقراءة بمكة فيؤذي، فأنزل الله ﴿ ولا تجهر بصلاتك ﴾.
وأخرج ابن أبي شيبة في الصنف، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان النبي ﷺ إذا صلى عند البيت جهر بقراءته، فكان المشركون يؤذونه، فنزلت ﴿ ولا تجهر بصلاتك... ﴾ الآية.
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان رسول الله ﷺ إذا صلى يجهر بصلاته، فآذى ذلك المشركين فأخفى صلاته هو وأصحابه. فلذك قال الله :﴿ ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ﴾ وقال : في الأعراف ﴿ واذكر ربك في نفسك ﴾ [ الأعراف : ٢٠٥ ] الآية.
وأخرج الطبراني والبيهقي في سننه، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ﴾ قال : كان الرجل إذا دعا في الصلاة رفع صوته.
وأخرج الطبراني وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان مسيلمة الكذاب قد تسمّى الرحمن، فكان النبي ﷺ إذا صلى فجهر ببسم الله الرحمن الرحمن، قال المشركون : يذكر إله اليمامة. فأنزل الله ﴿ ولا تجهر بصلاتك ﴾.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف، عن سعيد رضي الله عنه قال : كان رسول الله ﷺ يرفع صوته ببسم الله الرحمن الرحيم. وكان مسيلمة قد تسمّى الرحمن، فكان المشركون إذا سمعوا ذلك من النبي ﷺ قالوا : قد ذكر مسيلمة إله اليمامة، ثم عارضوه بالمكاء والتصدية والصفير. فأنزل الله ﴿ ولا تجهر بصلاتك... ﴾ الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان النبي ﷺ إذا جهر بالقرآن شق ذلك على المشركين، فيؤذون النبي ﷺ بالشتم - وذلك بمكة - فأنزل الله : يا محمد ﴿ ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ﴾ لا تخفض صوتك حتى لا تسمع اذنيك ﴿ وابتغ بين ذلك سبيلاً ﴾ يقول : اطلب الاعلان والجهر، وبين التخافت والجهر طريقاً.


الصفحة التالية
Icon