ثم إنهم خرجوا حتى انتهوا إلى غلام شاب، عهد إلى الخضر أن أقتله فقتله ﴿ قال أقتلت نفساً زكية بغير نفس ﴾ إلى قوله :﴿ قال لو شئت لاتخذت عليه أجراً ﴾ وإن خضراً أقبل عليه فقال : قد وفيت لك بما جعلت على نفسي ﴿ هذا فراق بيني وبينك ﴾ ﴿ وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين ﴾ فكان لا يغضب أحداً إلا دعا عليه وعلى أبويه، فطهر الله أبويه أن يدعو عليهما أحد وأيد لهما مكان الغلام آخر خيراً منه وأبرّ بوالديه ﴿ وأقرب رحماً ﴾.
﴿ وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما ﴾ فسمعنا أن ذلك الكنز كان علماً فورثا ذلك العلم.
وأخرج ابن جرير من طريق الحسن بن عمارة عن أبيه قال : قيل لابن عباس : لم نسمع - يعني موسى - يذكر من حديث فتاه وقد كان معه. فقال ابن عباس : فيما يذكر من حديث الفتى قال : شرب الفتى من الماء فخلد فأخذه العالم فطابق به سفينة ثم أرسله في البحر، فإنها لتموج به إلى يوم القيامة. وذلك أنه لم يكن له أن يشرب منه. قال ابن كثير الحسن متروك وأبوه غير معروف.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن عساكر عن يوسف بن أسباط قال : بلغني أن الخضر قال لموسى لما أراد أن يفارقه : يا موسى، تعلم العلم لتعمل به ولا تعلمه لتحدث به. وبلغني أن موسى قال للخضر : ادع لي. فقال الخضر : يسر الله عليك طاعته.
وأخرج أحمد في الزهد عن وهب قال : قال الخضر لموسى حين لقيه : يا موسى، انزع عن اللجاجة ولا تمش في غير حاجة، ولا تضحك من غير عجب، والزم بيتك وابك على خطيئتك.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان وابن عساكر، عن أبي عبد الله - أظنه الملطي - قال : أراد موسى أن يفارق الخضر، فقال له موسى : أوصني. قال : كن نفّاعاً ولا تكن ضراراً، كن بشاشاً ولا تكن غضباناً، ارجع عن اللجاجة ولا تمش في غير حاجة، ولا تُعَيِّرُ امرأً بخطيئته وابك على خطيئتك يا ابن عمران.
وأخرج ابن عساكر عن وهب، أن الخضر قال لموسى : يا موسى، إن الناس يعذبون في الدنيا على قدر همومهم.
وأخرج العقيلي عن كعب قال : الخضر على منبر بين البحر الأعلى والبحر الأسفل، وقد أمرت دواب البحر أن تسمع له وتطيع وتعرض عليه الأرواح غدوة وعشية.
وأخرج ابن شاهين عن خصيف قال : أربعة من الأنبياء أحياء : اثنان في السماء عيسى وإدريس. وإثنان في الأرض، الخضر وإلياس. فأما الخضر، فإنه في البحر. وأما صاحبه فإنه في البر.
وأخرج الخطيب وابن عساكر عن علي بن أبي طالب قال : بينا أنا أطوف، إذا أنا برجل متعلق بأستار الكعبة وهو يقول : يا من لا يشغله سمع عن سمع، ويا مَنْ لا تغلطه المسائل، ويا من لا يتبرم بإلحاح الملحين أذقني برد عفوك وحلاوة رحمتك، قلت : يا عبد الله، أعد الكلام.


الصفحة التالية
Icon