« البركة التي جعلها الله لعيسى، أنه كان معلماً مؤدباً حيثما توجه » ﴿ وأوصاني بالصلاة والزكاة ﴾ يعني وأمرني ﴿ وبراً بوالدتي ﴾ فلا أعقها. قال ابن عباس حين قال :﴿ وبراً بوالدتي ﴾ قال : زكريا : الله أكبر! فأخذه فضمه إلى صدره، فعلموا أنه خلق من غير بشر ﴿ ولم يجعلني جباراً شقياً ﴾ يعني متعظماً سفاكاً للدم. ﴿ والسلام عليّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً ﴾ يقول الله :﴿ ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون ﴾ يعني يشكون بقوله لليهود، ثم أمسك عيسى عن الكلام حتى بلغ مبلغ الناس.
وأخرج ابن أبي شيبة. عن أبي حاتم، وأبو نعيم، عن مجاهد رضي الله عنه قال : قالت مريم : كنت إذا خلوت حدثني عيسى وكلمني وهو في بطني، وإذا كنت مع الناس سبح في بطني وكبر وأنا أسمع.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : حين حملت وضعت.
وأخرج ابن عساكر، عن الحسن رضي الله عنه قال : بلغني أن مريم حملت لسبع أو تسع ساعات، ووضعته من يومها.
وأخرج ابن عساكر من طريق عكرمة رضي الله عنه، عن ابن عباس قال : وضعت مريم لثمانية أشهر، ولذلك لا يولد مولود لثمانية أشهر إلا مات لئلا تسب مريم بعيسى.
وأخرج الحاكم، عن زيد العمى قال : ولد عيسى يوما عاشوراء.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، عن نوف قال : كانت مريم عليها السلام فتاة بتولاً، وكان زكريا زوج أختها كفلها فكانت معه، فكان يدخل عليه يسلم عليها، فتقرب إليه فاكهة الشتاء في الصيف، وفاكهة الصيف في الشتاء، فدخل عليها زكريا مرة، فقربت إليه بعض ما كانت تقرب ﴿ قال يا مريم أنى لك هذا، قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب، هنالك دعا زكريا ربه ﴾ [ آل عمران : ٣٨ - ٣٩ ] إلى قوله :﴿ آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا زمراً ﴾ [ آل عمران : ٤٢ ] ﴿ سوياً ﴾ صحيحاً. ﴿ فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم ﴾ كتب لهم ﴿ أن سبحوا بكرة وعشياً ﴾ قال : فبينما هي جالسة في منزلها، إذا رجل قائم بين يديها قد هتك الحجب، فلما أن رأته قالت :﴿ إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً ﴾ قال فلما ذكرت الرحمن فزع جبريل عليه السلام قال :﴿ إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً ﴾ إلى قوله :﴿ وكان أمراً مقضياً ﴾ فنفخ في جيبها جبريل، فحملت حتى إذا أثقلت وجعت ما يجع النساء، وكانت في بيت النبوة، فاستحيت وهربت حياء من قومها، فأخذت نحو المشرق، وأخذ قومها في طلبها، فجعلوا يسألون رأيتم فتاة كذا وكذا؟ فلا يخبرهم أحد. وأخذها ﴿ المخاض إلى جذع النخلة ﴾ فتساندت إلى النخلة قالت :﴿ يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً ﴾ قال : حيضة من حيضة ﴿ فناداها من تحتها ﴾ قال : جبريل من أقصى الوادي ﴿ ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سرياً ﴾ قال : جدولاً ﴿ وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً ﴾ فلما قال لها جبريل : اشتد ظهرها وطابت نفسها، فقطعت سرته ولفته في خرقة وحملته، فلقي قومها راعي بقر، وهم في طلبها.


الصفحة التالية
Icon