﴿ قرة عين لي ولك لا تقتلوه ﴾ [ القصص : ٩ ] قال فرعون : يكون لك، وأمَّا لي فلا حاجة لي فيه. قال رسول الله ﷺ :« والذي يحلف به، لو أقر فرعون بأن يكون قرة عين له، كما قالت امرأته لهداه الله به، كما هدى به امرأته ولكن الله - تعالى - حرمه ذلك، فأرسلت إلى من حولها من كل امرأة لها لبن لتختار له ظئراً، فكلما أخذته امرأة منهن لترضعه، لم يقبل ثديها حتى أشفقت امرأة فرعون أن يمنتع من اللبن، فيموت فأحزنها ذلك، فأمرت به فأخرج إلى السوق، ومجمع الناس ترجو أن تجد له ظئراً يأخذ منها، فلم يفعل، وأصبحت أم موسى والهاً، فقالت لأخته : قصي أثره واطلبيه هل تسمعين له ذكراً؟ أحي أم قد أكلته الدواب؟ ونسيت الذي كان وعد الله ﴿ فبصرت به أخته عن جنب وهم لا يشعرون ﴾ والجنب أن يسمو بصر الإنسان إلى شيء بعيد وهو إلى جنبه، وهو لا يشعر به ( فقالت ) - من الفرح حين أعياهم الظوائر - ﴿ هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون ﴾ فأخذوها، فقالوا : وما يدريك ما نصحهم له؟ هل يعرفونه حتى شكوا في ذلك؟ وذلك من الفتون يا ابن جبير. فقالت : نصحهم له وشفقتهم عليه رغبتهم في جانب الملك رجاء شفقته. فتركوها فانطلقت إلى أمه فأخبرتها الخبر فجاءت، فلما وضعته في حجرها نزا إلى ثديها فمصه حتى امتلأ جنباه ريا، وانطلق البشرى إلى امرأة فرعون يبشرونها : إنا قد وجدنا لابنك ظئراً. فأرسلت إليها فأتيت بها وبه، فلما رأت ما يصنع قالت لها : امكثي عندي أرضعي ابني هذا - فإني لم أحب حبه شيئاً قط - قالت : لا أستطيع أن أدع بيتي وولدي فيضيع، فإن طابت نفسك أن تعطينيه؟ فأذهب به إلى بيتي فيكون معي لا آلوه خيراً فعلت، وإلا فإني غير تاركة بيتي وولدي. فذكرت أم موسى ما كان الله تعالى وعدها، فتعاسرت على امرأة فرعون لذلك، وأيقنت أن الله تعالى منجز وعده. فرجعت بابنها من يومها، فأنبته الله نباتاً حسناً، وحفظه لما قد قضى فيه، فلم يزل بنو إسرائيل - وهم يجتمعون في ناحية القرية - يمتنعون به من الظلم والسخرة منذ كان فيهم، فلما ترعرع، قالت امرأة فرعون لأم موسى : أريد أن تريني ابني، فوعدتها يوماً تزورها فيه به.