فذلك حين يقول الله ﴿ وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت ﴾ فلما بنيا القواعد فبلغ مكان الركن، قال إبراهيم لإسماعيل : اطلب لي حجراً حسناً أضعه ههنا. قال : يا أبت، اني كسلان لغب. قال : عليّ ذلك. فانطلق يطلب له حجراً فأتاه بحجر فلم يرضه، فقال : ائتني بحجر أحسن من هذا. فانطلق يطلب حجراً فجاءه جبريل بالحجر الأسود من الجنة، وكان أبيض ياقوتة بيضاء مثل الثغامة، وكان آدم هبط به من الجنة فاسوّد من خطايا الناس، فجاءه إسماعيل بحجر فوجد عنده الركن فقال : يا أبت، من جاءك بهذا؟ قال : جاءني به من هو أنشط منك. فبينما هما يدعوان بالكلمات التي ابتلى بها إبراهيم ربه، فلما فرغا من البنيان أمره الله أن ينادي. فقال ﴿ أذن في الناس بالحج ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم عن حوشب بن عقيل قال : سألت محمد بن عباد بن جعفر : متى كان البيت؟ قال : خلقت الأشهر له. قلت : كم كان طول بناء إبراهيم؟ قال : ثمانية عشر ذراعاً. قلت : كم هو اليوم قال : ستة وعشرون ذراعاً : قلت : هل بقي من حجارة بناء إبراهيم شيء؟ قال : حشي به البيت إلا حجرين مما يليا الحجر.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : قال الله لنبيه ﴿ وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود ﴾ قال : طواف قبل الصلاة. وقد قال رسول الله ﷺ « الطواف بالبيت بمنزلة الصلاة، إلا أن الله قد أحل فيه المنطق، فمن نطق فلا ينطق إلا بخير ».
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عطاء في قوله ﴿ للطائفين ﴾ قال : الذين يطوفون به ﴿ والقائمين ﴾ قال : المصلين عنده.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة قال : القائمون، المصلون.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن منيع وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في سننه، عن ابن عباس قال : لما فرغ إبراهيم من بناء البيت قال : ربّ، قد فرغت. فقال ﴿ أذن في الناس بالحج ﴾ قال : ربّ، وما يبلغ صوتي؟ قال : أذّن وعليّ البلاغ. قال : ربّ، كيف أقول؟ قال : يا أيها الناس، كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق... فسمعه من بين السماء والأرض، ألا ترى أنهم يجيئون من أقصى الأرض يلبون... ؟
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والحاكم والبيهقي، عن ابن عباس قال : لما بنى إبراهيم البيت، أوحى الله إليه أن أذن في الناس بالحج.


الصفحة التالية
Icon