أخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو داود في ناسخه والبيهقي في سننه والضياء المقدسي في المختارة من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله ﴿ الزاني لا ينكح إلا زانية ﴾ قال : ليس هذا بالنكاح ولكن الجماع، لا يزني بها حين يزني إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين، يعني الزنا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل قال : لما قدم المهاجرون المدينة قدموها وهم بجهد إلا قليل منهم، والمدينة غالية السعر، شديدة الجهد، وفي السوق زوان متعالنات من أهل الكتاب، وأما الأنصار منهن أمية وليدة عبد الله بن أبي، ونسيكة بنت أمية لرجل من الأنصار، في بغايا من ولائد الأنصار قد رفعت كل إمرأة منهن علامة على بابها ليعرف أنها زانية، وكن من أخصب أهل المدينة وأكثره خيراً، فرغب أناس من مهاجري المسلمين فيما يكتسبن للذي هم فيه من الجهد، فاشار بعضهم على بعض لو تزوّجنا بعض هؤلاء الزواني فنصيب من فضول أطعامهنَّ فقال بعضهم : نستأمر رسول الله ﷺ فأتوه فقالوا : يا رسول الله قد شق علينا الجهد ولا نجد ما نأكل، وفي السوق بغايا نساء أهل الكتاب وولائدهن وولائد الأنصار يكتسبن لأنفسهن فيصلح لنا أن نتزوّج منهن، فنصيب من فضول ما يكتسبن، فإذا وجدنا عنهن غنى تركناهن؟ فأنزل الله ﴿ الزاني لا ينكح ﴾ فحرم على المؤمنين أن يتزوّجوا الزواني المسافحات العالنات زناهن.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ﴿ الزاني لا ينكح إلا زانية او مشركة ﴾ قال : كن نساء في الجاهلية بغيات، فكانت منهن امرأة جميلة تدعى أم مهزول، فكان الرجل من فقراء المسلمين يتزوّج إحداهن فتنفق عليه من كسبها، فنهى الله أن يتزوّجهن أحد من المسلمين.
وأخرج عبد بن حميد عن سليمان بن يسار في قوله ﴿ الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة ﴾ قال : كن نساء في الجاهلية بغيات، فنهى الله المسلمين عن نكاحهن.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عطاء قال : كانت بغايا في الجاهلية بغايا آل فلان وبغايا آل فلان فقال الله ﴿ الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك ﴾ فأحكم الله ذلك من أمر الجاهلية بالإسلام. قيل له : أعن ابن عباس؟ قال : نعم.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وعبد بن حميد عن مجاهد في قوله ﴿ الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة ﴾ قال : رجال كانوا يريدون الزنا بنساء زَوانٍ بغايا متعالنات كن كذلك في الجاهلية. قيل لهم هذا حرام، فأرادوا نكاحهن، فحرم الله عليهم نكاحهن.