. ؟ فأخبرتني بقول أهل الإِفك، فازددت مرضاً على مرضي.
فلما رجعت إلى بيتي دخل عليَّ رسول الله ﷺ فسلم ثم قال :« كيف تيكم » ؟ فقلت : أتأذن لي أن آتي أبوي؟ قالت :- وأنا حينئذ أريد أن أستيقن الخبر من قبلهما - قالت : فأذن لي رسول الله ﷺ، فجئت لأبوي فقلت لأمي يا أمتاه ما يتحدث الناس؟ قالت يا بينة هوّني عليك فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا أكثرن عليها، فقلت - سبحان الله - ولقد تحدث الناس بهذا؟ فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ولا اكتحل بنوم، ثم أصبحت أبكي ودعا رسول الله ﷺ علي بن أبي طالب، وأسامة بن زيد، حين استبلث الوحي يستأمرهما في فراق أهله. فأما أسامة فأشار على رسول الله ﷺ بالذي يعلم من براءة أهله، وبالذي يعلم لهم في نفسه من الود فقال يا رسول الله : أهلك ولا نعلم إلا خيراً، وأما علي بن أبي طالب فقال يا رسول الله : لم يضيّق الله عليك والنساء سواها كثير، وان تسأل الجارية تصدقك. فدعا رسول الله ﷺ بريرة فقال :« أي بريرة هل رأيت شيئاً يريبك » ؟ قالت بريرة : لا والذي بعثك بالحق ان رأيت عليها أمراً أغمصه أكثر من أنها جارية حديثة السن، تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله.
فقام رسول الله ﷺ فاستعذر يومئذ من عبدالله بن أبي فقال وهو على المنبر :« يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهل بيتي؟ فوالله ما علمت على أهلي إلا خيراً، ولقد ذكروا رجلاً ما علمت عليه إلا خيراً، وما كان يدخل على أهلي إلا معي » فقام سعد بن معاذ الأنصاري فقال : يا رسول الله أنا أعذرك منه، إن كان من الأوس ضربت عنقه، وإن كان من إخواننا من بني الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك، فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج وكان قبل ذلك رجلاً صالحاً ولكن احتملته الحمية فقال لسعد : كذبت لعمر الله ما تقتله ولا تقدر على قتله. فقام أسيد بن حضير وهو ابن عم سعد فقال لسعد بن عبادة : كذبت لنقتلنه فإنك منافق تجادل عن المنافقين. فتثاور الحيان الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا، ورسول الله ﷺ قائم على المنبر، فلم يزل رسول الله ﷺ يخفضهم حتى سكتوا وسكت.


الصفحة التالية
Icon