وأخرج ابن مردويه بسنده عن ابن عباس أن النبي ﷺ كان إذا سافر جاء ببعض نسائه. وسافر بعائشة وكان لها هودج، وكان الهودج له رجال يحملونه. ويضعونه، فعرس رسول الله ﷺ وأصحابه، وخرجت عائشة للحاجة فباعدت، فلم يعلم بها، فاستيقظ النبي ﷺ والناس قد ارتحلوا، وجاء الذين يحملون الهودج، فحملوه فلم يعلموا إلا أنها فيه، فساروا، وأقبلت عائشة فوجدت النبي ﷺ والناس قد ارتحلوا، فجلست مكانها، فاستيقظ رجل من الأنصار يقال له صفوان بن المعطل، وكان لا يقرب النساء، فتقرب منها ومعه بعير له، فلما رآها وكان قد عرفها وهي صغيرة قال : أم المؤمنين! ولوى وجهه، وحملها ثم أخذ بخطام الجمل، وأقبل يقوده حتى لحق الناس.
والنبي ﷺ قد نزل وفقد عائشة، فأكثروا القول وبلغ ذلك النبي ﷺ، فشق عليه حتى اعتزلها، واستشار فيها زيد بن ثابت وغيره فقال : يا رسول الله دعها لعل الله أن يحدث أمره فيها فقال علي بن أبي طالب : النساء كثير. وخرجت عائشة ليلة تمشي في نساء فعثرت أم مسطح فقالت : تعس مسطح قالت عائشة : بئس ما قلت فقالت : إنك لا تدري ما يقول فأخبريها. فسقطت عائشة مغشياً عليها، ثم أنزل الله ﴿ إن الذين جاءُوا بالإِفك.. ﴾ الآيات.
وكان أبو بكر يعطي مسطحاً ويصله ويبره، فحلف أبو بكر لا يعطيه، فنزل ﴿ ولا يأتل أولوا الفضل منكم... ﴾ فأمره النبي ﷺ أن يأتيها ويبشرها، فجاء أبو بكر فأخبرها بعذرها، وما أنزل الله فيها فقالت : بحمد الله لا بحمدك ولا بحمد صاحبك.
وأخرج الطبراني وابن مردويه بسنده عن عمر قال : كان رسول الله ﷺ إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه ثلاثاً، فمن أصابته القرعة خرج بها معه، فلما غزا بني المصطلق، أقرع بينهن، فأصابت عائشة، وأم سلمة، فخرج بهما معه، فلما كانوا في بعض الطريق، مال رحل أم سلمة، فأناخوا بعيرها ليصلحوا رحلها، وكانت عائشة تريد قضاء حاجة، فلما أبركوا إبلهم قالت عائشة : فقلت في نفسي إلى ما يصلح رحل أم سلمة أقضي حاجتي. قالت فنزلت من الهودج ولم يعلموا بنزولي. فأتيت خربة، فانقطعت قلادتي، فاحتبست في جمعها ونظامها، وبعث القوم إبلهم ومضوا وظنوا أني في الهودج، فخرجت ولم أر أحداً، فاتبعتهم حتى أعييت. فقلت في نفسي : إن القوم سيفقدوني ويرجعون في طلبي، فقمت على بعض الطريق، فمر بي صفوان بن المعطل وكان سأل النبي ﷺ أن يجعله على الساقة فجعله.


الصفحة التالية
Icon