وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ﴿ لواذاً ﴾ قال : خلافاً.
وأخرج عبد بن حميد عن سفيان ﴿ قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذاً ﴾ قال : يتسللون من الصف في القتال ﴿ فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة ﴾ قال : أن يطبع على قلوبهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن بن صالح قال : إني لخائف على من ترك المسح على الخفين أن يكون داخلاً في هذه الآية ﴿ فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ﴾.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن يحيى بن أبي كثير قال :« نهي رسول الله ﷺ أصحابه أن يقاتلوا ناحية من خيبر، فانصرف الرجال عنهم وبقي رجل، فقاتلهم، فرموه، فقتلوه، فجيء به إلى النبي ﷺ فقال : أبعد ما نهينا عن القتال؟ فقالوا : نعم. فتركه ولم يصل عليه ».
وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد قال :« أشد حديث سمعناه عن النبي ﷺ قوله في سعد بن معاذ في أمر القبر. ولما كانت غزوة تبوك قال » لا يخرج معنا إلا رجل مُقْوٍ « فخرج رجل على بكر له صعب، فصرعه، فمات فقال الناس : الشهيد الشهيد. فأمر النبي ﷺ بلالاً أن ينادي في الناس » لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة ولا يدخل الجنة عاص «.
وأخرج عبد الرزاق عن زيد بن أسلم »
أن رسول الله ﷺ قال لأصحابه ذات يوم وهو مستقبل العدو : لا يقاتل أحد منكم، فعمد رجل منهم ورمى العدو وقاتلهم، فقتلوه، فقيل للنبي ﷺ استشهد فلان فقال : أبعد ما نهيت عن القتال؟ قالوا : نعم. قال « لا يدخل الجنة عاص » «.
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك في قوله ﴿ لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله ﴾ [ التوبة : ٤٤ ] قال : كان لا يستأذنه إذا غزا إلا المنافقون. فكان لا يحل لأحد أن يستأذن رسول الله ﷺ أو يتخلف بعده إذا غزا، ولا تنطلق سرية إلا باذنه، ولم يجعل الله للنبي ﷺ أن يأذن لأحد حتى نزلت الآية ﴿ إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع ﴾ يقول : أمر طاعة ﴿ لم يذهبوا حتى يستأذنوه ﴾ فجعل الاذن إليه يأذن لمن يشاء. فكان إذا جمع رسول الله ﷺ الناس لأمر يأمرهم وينهاهم صبر المؤمنون في مجالسهم، وأحبوا ما أحدث لهم رسول الله ﷺ بما يوحى إليه، وبما أحبوا وكرهوا، فإذا كان شيء مما يكره المنافقون، خرجوا يتسللون يلوذ الرجل بالرجل يستتر لكي لا يراه النبي ﷺ. فقال الله تعالى : إن الله تعالى يبصر الذين يتسللون منكم لواذاً.


الصفحة التالية
Icon