وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه من طرق عن ابن عباس قال :« كان أبي بن خلف يحضر النبي ﷺ فزجره عقبة بن أبي معيط، فنزل ﴿ ويوم يعض الظالم على يديه ﴾ إلى قوله ﴿ وكان الشيطان للإِنسان خذولاً ﴾ ».
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن جرير وابن المنذر عن مقسم مولى ابن عباس قال :« إن عقبة بن أبي معيط، وأبي بن خلف الجمحي التقيا. فقال عقبة بن أبي معيط لأبي بن خلف - وكانا خليلين في الجاهلية - وكان أبي قد أتى النبي ﷺ فعرض عليه الإِسلام، فلما سمع بذلك عقبة قال : لا أرضى عنك حتى تأتي محمداً فتتفل في وجهه وتشمته وتكذبه. قال : فلم يسلطه الله على ذلك.
فلما كان يوم بدر، أسر عقبة بن أبي معيط في الأسارى فأمر به النبي ﷺ علي بن أبي طالب أن يقتله فقال عقبة : يا محمد أمن بين هؤلاء أقتل؟ قال : نعم. قال : بم؟ قال : بكفرك وفجورك وعتوك على الله وعلى رسوله، فقام إليه علي بن أبي طالب فضرب عنقه.
وأما أبي بن خلف فقال : والله لا قتلن محمداً فبلغ ذلك رسول الله ﷺ فقال : بل أنا أقتله إن شاء الله. فافزعه ذلك فوقعت في نفسه لأنهم لم يسمعوا رسول الله ﷺ قال قولاً إلا كان حقاً، فلما كان يوم أحد خرج مع المشركين، فجعل يلتمس غفلة النبي ﷺ ليحمل عليه. فيحول رجل من المسلمين بين النبي ﷺ وبينه. فلما رأى ذلك رسول الله ﷺ قال لأصحابه : خلفوا عنه فأخذ الحربة فرماه بها، فوقعت ترقوته، فلم يخرج منه كبير دم واحتقن الدم في جوفه، فخار كما يخور الثور فأتى أصحابه حتى احتملوه وهو يخور وقالوا : ما هذا؟! فوالله ما بك إلا خدش فقال : والله لو لم يصبني إلا بريقه لقتلني أليس قد قال : أنا أقتله، والله لو كان الذي بي بأهل ذي المجاز لقتلهم.
قال : فما لبث إلا يوماً أو نحو ذلك حتى مات إلى النار، وأنزل الله فيه ﴿ ويوم يعض الظالم على يديه ﴾ إلى قوله ﴿ وكان الشيطان للإِنسان خذولاً ﴾ »
.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن سابط قال :


الصفحة التالية
Icon