وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن سعيد بن جبير قال : نزلت آية من تبارك بالمدينة في شأن قاتل حمزة وحشي وأصحابه كانوا يقولون : انا لنعرف الإِسلام وفضله فكيف لنا بالتوبة وقد عبدنا الأوثان، وقتلنا أصحاب محمد، وشربنا الخمور، ونكحنا المشركات؟! فأنزل الله فيهم ﴿ والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر.. ﴾ الآية. ثم أنزلت توبتهم ﴿ إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات ﴾ فأبدلهم الله بقتال المسلمين قتال المشركين، ونكاح المشركات نكاح المؤمنات، وبعبادة الأوثان عبادة الله.
وأخرج عبد بن حميد عن عامر أنه سئل عن هذه الآية ﴿ والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ﴾. قال : هؤلاء كانوا في الجاهلية فأشركوا، وقتلوا وزنوا. فقالوا : لن يغفر الله لنا. فأنزل الله ﴿ إلا من تاب ﴾. قال : كانت التوبة والإِيمان والعمل الصالح، وكان الشرك والقتل والزنا. كانت ثلاث مكان ثلاث.
وأخرج ابن المنذر والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس قال : قرأنا على عهد النبي ﷺ سنين ﴿ والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرّم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً ﴾ ثم نزلت ﴿ إلا من تاب وآمن ﴾ فما رأيت النبي ﷺ فرح بشيء قط فرحه بها، وفرحه بأنا ﴿ فتحنا لك فتحاً مبيناً ﴾ [ الفتح : ١ ].
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك قال : لما نزلت ﴿ والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ﴾ قال بعض أصحاب النبي ﷺ : كنا أشركنا في الجاهلية، وقتلنا، فنزلت ﴿ إلا من تاب ﴾.
وأخرج أبو داود في تاريخه عن ابن عباس ﴿ والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً ﴾ ثم استثنى ﴿ إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه بسند ضعيف عن أبي هريرة قال :« صليت مع رسول الله ﷺ العتمة ثم انصرفت، فاذا امرأة عند بابي فقالت : جئتك أسألك عن عمل عملته هل ترى لي منه توبة؟ قلت : وما هو؟ قالت : زنيت وولد لي وقتلته قلت : لا.. ولا كرامة. فقامت وهي تقول : واحسرتاه.. ! أيخلق هذا الجسد للنار؟ فلما صليت مع النبي ﷺ الصبح من تلك الليلة قصصت عليه أمر المرأة قال : ما قلت لها؟ قلت لا.. ولا كرامة قال : بئس ما قلت. أما كنت تقرأ هذه الآية! ﴿ والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ﴾ إلى قوله ﴿ إلا من تاب ﴾ الآية. قال أبو هريرة : فخرجت فما بقيت دار بالمدينة ولا خطة إلا وقفت عليها فقلت : إن كان فيكم المرأة التي جاءت أبا هريرة فلتأت ولتبشر. فلما انصرفت من العشي إذا هي عند بابي فقلت : ابشري إني ذكرت للنبي ﷺ ما قلت لي، وما قلت لك فقال : بئس ما قلت أما كنت تقرأ هذه الآية! وقرأتها عليها فخرجت ساجدة وقالت : أحمد الله الذين جعل لي توبة ومخرجاً، أشهد أن هذه الجارية لجارية معها وابن لها حران لوجه الله، وإني قد تبت مما عملت ».


الصفحة التالية
Icon