وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : أقبل موسى بأهله فسار بهم نحو مصر حتى أتاها ليلاً، فتضيف على أمه وهو لا يعرفهم في ليلة كانوا يأكلون منها الطقشيل، فنزل في جانب الدار، فجاء هارون، فلما أبصر ضيفه سأل عنه أمه، فأخبرته أنه ضيف فدعاه فأكل معه، فلما قعدا فتحدثا فسأله هارون من أنت؟ قال : أنا موسى. فقام كل واحد منهما إلى صاحبه فاعتنقه، فلما أن تعارفا قال له موسى : يا هارون انطلق بي إلى فرعون فإن الله قد أرسلنا إليه.
قال هارون : سمعاً وطاعة فقامت أمهما فصاحت وقالت : أنشدكما بالله أن لا تذهبا الى فرعون فيقتلكما، فأبيا فانطلقا إليه ليلاً، فأتيا الباب، فضرباه، ففزع فرعون وفزع البواب فقال فرعون : من هذا الذي يضرب ببابي هذه الساعة؟ فأشرف عليهما البواب فكلمهما فقال له موسى :﴿ إنا رسول رب العالمين ﴾ ففزع البواب، فأتى فرعون فأخبره فقال : إن ههنا إنساناً مجنوناً يزعم أنه رسول رب العالمين فقال : أدخله، فدخل فقال : إنه رسول رب العالمين.
﴿ قال فرعون : وما رب العالمين ﴾ قال :﴿ ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ﴾ [ طه : ٥٠ ] قال :﴿ إن كنت جئت بآية فأت بها إن كنت من الصادقين. فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ﴾ [ الأعراف : ١٠٦ ] والثعبان الذكر من الحيات فاتحة فمها لحيها الأسفل في الأرض والأعلى على سورة القصر، ثم توجهت نحو فرعون لتأخذه، فلما رآها ذعر منها ووثب فأحدث ولم يكن يحدث قبل ذلك وصاح : يا موسى خذها وأنا أؤمن بك وأرسل معك بني إسرائيل. فأخذها موسى فصارت عصا فقالت السحرة في نجواهم ﴿ إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهم ﴾ [ طه : ٦٣ ] فالتقى موسى وأمير السحرة فقال له موسى : أرأيت أن غلبتك غداً أتؤمن بي، وتشهد أن ما جئت به حق؟ قال الساحر : لآتين غداً بسحر لا يغلبه شيء، فوالله لئن غلبتني لأؤمنن بك، ولأشهدن أنك حق؛ وفرعون ينظر إليهما.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله ﴿ وقيل للناس هل أنتم مجتمعون ﴾ قال : كانوا بالاسكندرية قال : ويقال بلغ ذنب الحية من وراء البحيرة يومئذ قال : وهزموا وسلم فرعون وهمت به فقال : خذها يا موسى. وكان مما بلي الناس به منه أنه كان لا يضع على الأرض شيئاً، فاحدث يومئذ تحته، وكان ارساله الحية في القبة الخضراء.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون ﴾ قال : فوجدوا الله أعز منه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن بشر بن منصور قال : بلغني أنه لما تكلم ببعض هذا ﴿ وقالوا بعزة فرعون ﴾ قالت الملائكة : قصمه ورب الكعبة فقال الله « تالون عليَّ قد أمهلته أربعين عاماً ».
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله ﴿ لا ضير ﴾ قال : يقولون لا يضرنا الذي تقول، وإن صنعت بنا وصلبتنا ﴿ إنا إلى ربنا منقلبون ﴾ يقول : انا إلى ربنا راجعون. وهو مجازينا بصبرنا على عقوبتك ايانا، وثباتنا على توحيده، والبراءة من الكفر به، وفي قوله ﴿ أن كنا أول المؤمنين ﴾ قال : كانوا كذلك يومئذ أول من آمن بآياته حين رآها.