« يا بني هاشم، ويا صفية عمة رسول الله ﷺ، إني لا أغني عنكم من الله شيئاً. إياكم أن يأتي الناس يحملون الآخرة، وتأتون أنتم تحملون الدنيا، وأنكم تردون عليّ الحوض ذات الشمال وذات اليمين فيقول القائل منكم : يا رسول الله أنا فلان بن فلان. فاعرف الحسب وانكر الوصف، فاياكم أن يأتي أحدكم يوم القيامة وهو يحمل على ظهره فرساً ذات جمعمة، أو بعيراً له رغاء، أو شاة لها ثغاء، أو يحمل قشعاً من أدم فيختلجون من دوني، ويقال لي : أنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. فاطيبوا نفساً وإياكم أن ترجعوا القهقرى من بعدي » قال عكرمة رضي الله عنه : إنما قال لهم رسول الله ﷺ هذا القول حيث أنزل الله عليه ﴿ وأنذر عشيرتك الأقربين ﴾ «.
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : لما نزلت ﴿ وأنذر عشيرتك الأقربين ﴾ جمع رسول الله ﷺ بني هاشم، فاجلسهم على الباب، وجمع نساءه وأهله فأجلسهم في البيت، ثم اطلع عليهم فقال » يا بني هاشم اشتروا أنفسكم من النار، واسعوا في فكاك رقابكم أو افتكوها بأنفسكم من الله فإني لا أملك لكم من الله شيئاً، ثم أقبل على أهل بيته فقال : يا عائشة بنت أبي بكر، ويا حفصة بنت عمر، ويا أم سلمة، ويا فاطمة بنت محمد، ويا أم الزبير عمة رسول الله، اشتروا أنفسكم من الله، واسعوا في فكاك رقابكم فإني لا أملك لكم من الله شيئاً ولا أغني، فبكت عائشة رضي الله عنها وقالت : وهل يكون ذلك يوم لا تغني عنا شئياً؟ قال : نعم. في ثلاثة مواطن.
يقول الله ﴿ ونضع الموازين القسط ليوم القيامة... ﴾ [ الأنبياء : ٤٧ ] فعند ذلك لا أغني عنكم من الله شيئاً، ولا أملك لكم من الله شيئاً، وعند النور من شاء الله أتم له نوره ومن شاء أكبه في الظلمات يغمه فيها فلا أملك لكم من الله شيئاً، ولا أغني عنكم من الله شيئاً، وعند الصراط من شاء الله سلمه، ومن شاء أجازه، ومن شاء كبكبه في النار.
قالت : عائشة قد علمنا الموازين : هي الكفتان. فيوضع في هذه اليسرى، فترجح احداهما وتخف الأخرى، وقد علمنا النور والظلمة، فما الصراط؟ قال : طريق بين الجنة والنار يجوز الناس عليها، وهو مثل حد الموس، والملائكة حفافه يميناً وشمالاً يخطفونهم بالكلاليب مثل شوك السعدان وهم يقولون : رب سلم سلم ﴿ وأفئدتهم هواء ﴾ فمن شاء الله سلمه، ومن شاء كبكبه فيها «.
وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي في الدلائل من طرق عن علي رضي الله عنه قال : لما نزلت هذه الآية على رسول الله ﷺ ﴿ وأنذر عشيرتك الأقربين ﴾ دعاني رسول الله ﷺ، فقال