من السمك وغيره ثمَّ اطبقوه، ثم قالوا لسليمان : ادخل الصرح. فألقي كرسياً في أقصى الصرح. فلما دخله أتى الكرسي فصعد عليه ثم قال : أدخلوا عليَّ بلقيس فقيل لها ادخلي الصرح فلما ذهبت تدخله فرأت صورة السمك، وما يكون في الماء من الدواب ﴿ حسبته لجة فكشفت عن ساقيها ﴾ لتدخل. وكان شعر ساقها ملتوياً على ساقيها. فلما رآه سليمان ناداها وصرف وجهه عنها ﴿ إنه صرح ممرد من قوارير ﴾ فألقت ثوبها وقالت ﴿ رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين ﴾.
فدعا سليمان الإِنس فقال : ما أقبح هذا! ما يذهب هذا! قالوا : يا رسول الله الموسى. فقال : الموسى تقطع ساقي المرأة، ثم دعا الشياطين فقال مثل ذلك، فتلكؤوا عليه ثم جعلوا له النورة قال ابن عباس : فإنه لأول يوم رؤيت فيه النورة قال : واستنكحها سليمان عليه السلام. قال ابن أبي حاتم : قال أبو بكر بن أبي شيبة : ما أحسنه من حديث!
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة في المصنف وابن جرير وابن أبي حاتم عن عبد الله بن شداد قال : كان سليمان عليه السلام إذا أراد أن يسير وضع كرسيه، فيأتي من أراد من الانس والجن، ثم يأمر الريح فتحملهم، ثم يأمر الطير فتظلهم. فبينا هو يسير إذ عطشوا فقال : ما ترون بعد الماء؟ قالوا : لا ندري. فتفقد الهدهد وكان له منه منزلة ليس بها طير غيره فقال ﴿ ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين، لأعذبنه عذاباً شديداً ﴾ وكان عذابه إذا عذب الطير نتفه، ثم يجففه في الشمس ﴿ أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين ﴾ يعني بعذر بين.
فلما جاء الهدهد استقبلته الطير فقالت له : قد أوعدك سليمان فقال لهم : هل استثنى؟ فقالوا له : نعم. قد قال : إلا أن يجيء بعذر بين. فجاء بخبر صاحبة سبأ، فكتب معه إليها ﴿ بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا عليَّ وائتوني مسلمين ﴾ فأقبلت بلقيس، فلما كانت على قدر فرسخ قال سليمان ﴿ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين، قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك ﴾ فقال سليمان : أريد أعجل من ذلك. فقال الذي عنده علم من الكتاب ﴿ أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك ﴾ فأتى بالعرش في نفق في الأرض، يعني سرب في الأرض قال سليمان : غيروه. فلما جاءت ﴿ قيل لها أهكذا عرشك ﴾ فاستنكرت السرعة ورأت العرش ﴿ فقالت كأنه هو.. ، قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته ﴾ لجة ماء ﴿ وكشفت عن ساقيها ﴾ فإذا هي امرأة شعراء فقال سليمان : ما يذهب هذا؟ فقال بعض الجن : أنا أذهبه.


الصفحة التالية
Icon