فجاءت أخته فقالت :﴿ هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون ﴾ فأخذوها فقالوا : إنك قد عرفت هذا الغلام فدلينا على أهله فقالت : ما أعرفه ولكن إنما هم للملك ناصحون. فلما جاءته أمه أخذ منها. وكادت تقول : هو ابني. فعصمها الله فذلك قوله ﴿ إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين ﴾ قال : قد كانت من المؤمنين ولكن بقول :﴿ إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين ﴾ قال السدي : وإنما سمي موسى لأنهم وجدوه في ماء وشجر والماء بالنبطية مو الشجر سى.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ نتلو عليك من نبأ موسى وفرعون ﴾ يقول : في هذا القرآن نبؤهم ﴿ إن فرعون علا في الأرض ﴾ أي بغى في الأرض ﴿ وجعل أهلها شيعاً ﴾ أي فرقاً.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ وجعل أهلها شيعاً ﴾ قال : فرق بينهم.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ وجعل أهلها شيعاً ﴾ قال : يتعبد طائفة، ويقتل طائفة، ويستحيي طائفة.
أما قوله تعالى :﴿ إنه كان من المفسدين ﴾.
أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : لقد ذكر لنا أنه كان يأمر بالقصب فيشق حتى يجعل أمثال الشفار، ثم يصف بعضه إلى بعض، ثم يؤتى بحبالى من بني إسرائيل فيوقفن عليه، فيجز أقدامهن حتى أن المرأة منهم لتضع بولدها، فيقع بين رجليها، فتظل تطؤه وتتقي به حد القصب عن رجليها لما بلغ من جهدها. حتى أسرف في ذلك وكان يفنيهم قيل له : أفنيت الناس، وقطعت النسل، وإنما هم خولك وعمالك، فتأمر أن يقتلوا الغلمان عاماً، ويستحيوا عاماً، فولد هرون عليه السلام في السنة التي يستحيي فيها الغلمان، وولد موسى عليه السلام في السنة التي فيها يقتلون، وكان هرون عليه السلام أكبر منه بسنة، فلما أراد الله بموسى عليه السلام ما أراد واستنقاذ بني إسرائيل مما هم فيه من البلاء، أوحى الله إلى أم موسى حين تقارب ولادها ﴿ أن أرضعيه ﴾ [ القصص : ٧ ].