وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : النفش بالليل والهمل بالنهار. ذكر لنا أن غنم القوم وقعت في زرع ليلاً فرفع ذلك إلى داود، فقضى بالغنم لأصحاب الزرع فقال سليمان : ليس كذلك، ولكن له نسلها ورسلها وعوارضها وجزازها، حتى إذا كان من العام المقبل كهيئته يوم أكل، دفعت الغنم إلى أربابها وقبض صاحب الزرع زرعه. قال الله :﴿ ففهمناها سليمان ﴾.
وأخرج ابن جرير عن قتادة والزهري في الآية قال : نفشت غنم في حرث قوم فقضى داود أن يأخذوا الغنم ففهمها الله سليمان، فلما أخبر بقضاء داود قال : لا، ولكن خذوا الغنم ولكم ما خرج من رسلها وأولادها وأصوافها إلى الحول.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانت امرأة عابدة من بني إسرائيل، وكانت تبتلت وكان لها جاريتان جميلتان، وقد تبتلت المرأة لا تريد الرجال، فقالت إحدى الجاريتين للأخرى : قد طال علينا هذا البلاء، أما هذه فلا تريد الرجال ولا نزال بشر ما كنا لها، فلو أنا فضحناها فرجمت فصرنا إلى الرجال. فأتيا ماء البيض فأتياها وهي ساجدة، فكشفتا عن ثوبها ونضحتا في دبرها ماء البيض، وصرختا : إنها قد بغت. وكان من زنى فيهم حدّه الرجم، فرفعت إلى داود وماء البيض في ثيابها فأراد رجمها، فقال سليمان : ائتوا بنار، فإنه إن كان ماء الرجال تفرق؛ وإن كان ماء البيض اجتمع. فأتي بنار فوضعها عليه فاجتمع فدرأ عنها الرجم، فعطف داود على سليمان فأحبه.
ثم كان بعد ذلك أصحاب الحرث وأصحاب الشياه، فقضى داود عليه السلام بالغنم لأصحاب الحرث فخرجوا وأخرجت الرعاة معهم الكلاب فقال سليمان : كيف قضى بينكم؟ فأخبروه فقال : لو وليت أمرهم لقضيت بغير هذا القضاء. فقيل لداود عليه السلام : إن سليمان يقول كذا وكذا. فدعاه فقال : كيف تقضي بينهم؟ فقال : أدفع الغنم إلى أصحاب الحرث هذا العام فيكون لهم أولادها وسلالها وألبانها ومنافعها، ويذر أصحاب الحرث الحرث هذا العام، فإذا بلغ الحرث الذي كان عليه أخذ هؤلاء الحرث ودفعوا إلى هؤلاء الغنم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس ﴿ نفشت ﴾ قال : رعت.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس، أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله :﴿ نفشت ﴾ قال : النفش، الرعي بالليل. قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم، أما سمعت قول لبيد :
بدلن بعد النفش الوجيفا | وبعد طول الحزن الصريفا |