وأخرج ابن جرير عن أبي اليمان الهذلي قال : الجنة مائة درجة، أولها درجة فضة، وأرضها فضة، وآنيتها فضة، وترابها المسك. والثانية ذهب، ومساكنها ذهب، وآنيتها ذهب، وترابها المسك. والثالثة لؤلؤ، وأرضها لؤلؤ، ومساكنها لؤلؤ، وآنيتها لؤلؤ، وترابها المسك. وسبع وتسعون بعد ذلك ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وتلا هذه الآية ﴿ فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين.. ﴾.
وأخرج ابن جرير والطبراني والحاكم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان من طريق الحاكم بن أبان عن الغطريف عن جابر بن زيد عن ابن عباس عن النبي ﷺ عن الروح الأمين قال « يؤتى بحسنات العبد وسيئاته، فيقتص بعضها من بعض، فإن بقيت حسنة واحدة أدخله الله الجنة » قال : فدخلت على يزدان فحدث بمثل هذا فقلت : فإن ذهبت الحسنة؟ قال :﴿ أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم ﴾ [ الأحقاف : ١٦ ] قلت : أفرأيت قوله ﴿ فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ﴾ قال : هو العبد يعمل سراً أسره إلى الله لم يعلم به الناس، فأسر الله له يوم القيامة ﴿ قرة أعين ﴾.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال « إن أدنى أهل الجنة حظاً قوم يخرجهم الله من النار برحمته بعد أن يحترقوا، يرتاح لهم الرب أنهم كانوا لا يشركون بالله شيئاً، فينبذون بالعراء فينبتون كما ينبت البقل حتى إذا رجعت الأرواح إلى أجسادها قالوا : ربنا كالذي أخرجتنا من النار ورجعت الأرواح إلى أجسادنا فاصرف وجوهنا عن النار، فيصرف وجوههم عن النار، ويضرب لهم شجرة ذات ظل وفيء فيقولون : ربنا كالذي أخرجتنا من النار فانقلنا إلى ظل هذه الشجرة، فينقلهم إليها، فيرون أبواب الجنة فيقولن : ربنا كالذي أخرجتنا من النار فانقلنا إلى أبواب الجنة، فيفعل فإذا نظروا إلى ما فيها من الخيرات والبركات قال : وقرأ أبو هريرة رضي الله عنه ﴿ فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ﴾ قالوا : ربنا كالذي أخرجتنا من النار فادخلنا الجنة قال : فيدخلون الجنة، ثم يقال لهم : تمنوا فيقولون : يا رب اعطنا حتى إذا قالوا : يا ربنا حسبنا قال : هذا لكم وعشرة أمثاله ».
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم والترمذي وابن جرير والطبراني وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه يرفعه إلى النبي ﷺ « أن موسى عليه السلام سأل ربه فقال : رب أي أهل الجنة أدنى منزلة؟ فقال : رجل يجيء بعدما دخل أهل الجنة الجنة فيقال له : ادخل. فيقول : كيف ادخل وقد نزلوا منازلهم، وأخذوا أخذاتهم؟ فيقال له : اترضى أن يكون لك مثل ما كان لملك من ملوك الدنيا؟ فيقول : نعم. أي رب قد رضيت فيقال له : فإن لك هذا وعشرة أمثاله معه فيقول : أي رب رضيت فيقال له : فإن لك من هذا ما اشتهت نفسك، ولذت عينك، فقال موسى عليه السلام : أي رب فأي أهل الجنة ارفع منزله؟ قال : إياها أردت وسأحدثك عنهم إني غرست كرامتهم بيدي، وختمت عليها فلا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، قال : ومصداق ذلك في كتاب الله تعالى ﴿ فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ﴾ ».


الصفحة التالية
Icon