. ! ابن من أنت؟ قال : ابن حارثة بن شراحيل قال : وأين أصبت؟ قال : في أخوالي قال : ومن أخوالك؟ قال : طي قال : ما اسم أمك؟ قال : سعدي. فالتزمه وقال ابن حارثة : ودعا أباه وقال : يا حارثة هذا ابنك. فأتاه حارثة، فلما نظر إليه عرفه قال : كيف صنع مولاك إليك؟ قال : يؤثرني على أهله وولده، ورزقت منه حباً، فلا أصنع إلا ما شئت.
فركب معه وأبوه وعمه وأخوه حتى قدموا مكة، فلقوا رسول الله ﷺ فقال له حارثة : يا محمد أنتم أهل حرم الله وجيرانه، وعند بيته. تفكون العاني، وتطعمون الأسير. ابني عبدك، فامنن علينا، وأحسن إلينا في فدائه، فإنك ابن سيد قومه فإنا سنرفع لك في الفداء ما أحببت. فقال له رسول الله ﷺ :« أعطيكم خيراً من ذلك قالوا : وما هو؟ قال : أخيره فإن اختاركم فخذوه بغير فداء، وإن اختارني فكفوا عنه قالوا : جزاك الله خيراً فقد أحسنت، فدعاه رسول الله ﷺ فقال : يا زيد اتعرف هؤلاء؟ قال : نعم. هذا أبي وعمي وأخي فقال رسول الله ﷺ : فأنا من قد عرفته، فإن اخترتهم فأذهب معهم، وإن اخترتني فأنا من تعلم فقال زيد : ما أنا بمختار عليك أحداً أبداً، أنت مني بمكان الوالد والعم قال له أبوه وعمه : يا زيد تختار العبودية على الربوبية؟ قال : ما أنا بمفارق هذا الرجل.
فلما رأى رسول الله ﷺ حرصه عليه قال : اشهدوا أنه حر، وإنه ابني يرثني وأرثه، فطابت نفس أبيه وعمه، لما رأوا من كرامته عليه، فلم يزل زيد في الجاهلية يدعى : زيد بن محمد. حتى نزل القرآن ﴿ ادعوهم لآبائهم ﴾ فدعي زيد بن حارثة »
.
وأخرج ابن عساكر من طريق زيد بن شيبة عن الحسن بن عثمان رضي الله عنه قال : حدثني عدة من الفقهاء وأهل العلم قالوا : كان عامر بن ربيعة يقال له : عامر بن الخطاب وإليه كان ينسب، فأنزل الله فيه، وفي زيد بن حارثة، وسالم مولى أبي حذيفة، والمقداد بن عمرو ﴿ ادعوهم لآبائهم.. ﴾.
وأخرج ابن جرير عن أبي بكرة رضي الله عنه أنه قال : قال الله ﴿ ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم ﴾ فإنا ممن لا يعلم أبوه، وأنا من اخوانكم في الدين.
وأخرج ابن جرير عن قتادة ﴿ ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله ﴾ أعدل عند الله ﴿ فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم ﴾ فإذا لم تعلم من أبوه فإنما هو أخوك في الدين ومولاك.


الصفحة التالية
Icon