وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ﴿ وتظنون بالله الظنونا ﴾ قال : هم المنافقون يظنون بالله ظنوناً مختلفة. وفي قوله ﴿ هنالك ابتلي المؤمنون ﴾ قال : محصوا. وفي قوله ﴿ وإذ يقول المنافقون ﴾ تكلموا بما في أنفسهم من النفاق، وتكلم المؤمنون بالحق والإِيمان ﴿ قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله ﴾.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في الدلائل عن جابر بن عبد الله قال : لما حفر النبي ﷺ وأصحابه الخندق، وأصاب النبي ﷺ والمسلمين جهد شديد، فمكثوا ثلاثاً لا يجدون طعاماً حتى ربط النبي ﷺ على بطنه حجراً من الجوع.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة قال : قال المنافقون يوم الأحزاب حين رأوا الأحزاب قد اكتنفوهم من كل جانب، فكانوا في شك وريبة من أمر الله قالوا : إن محمداً كان يعدنا فتح فارس والروم، وقد حصرنا ههنا حتى ما يستطيع يبرز أحدنا لحاجته. فأنزل الله ﴿ وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : حفر رسول الله ﷺ الخندق، واجتمعت قريش، وكنانة، وغطفان، فاستأجرهم أبو سفيان بلطيمة قريش، فاقبلوا حتى نزلوا بفنائه، فنزلت قريش أسفل الوادي، ونزلت غطفان عن يمين ذلك، وطليحة الأسدي في بني أسد يسار ذلك، وظاهرهم بنو قريظة من اليهود على قتال النبي ﷺ، فلما نزلوا بالنبي ﷺ تحصن بالمدينة، وحفر النبي ﷺ الخندق، فبينما هو يضرب فيه بمعوله إذ وقع المعول في صفا، فطارت منه كهيئة الشهاب من النار في السماء، وضرب الثاني فخرج مثل ذلك، فرأى ذلك سلمان رضي الله عنه فقال : يا رسول الله قد رأيت خرج من كل ضربة كهيئة الشهاب، فسطع إلى السماء فقال : لقد رأيت ذلك؟ فقال : نعم يا رسول الله قال : تفتح لكم أبواب المدائن، وقصور الروم، ومدائن اليمن، ففشا ذلك في أصحاب النبي ﷺ، فتحدثوا به، فقال رجل من الأنصار يدعى قشير بن معتب : أيعدنا محمد صلى الله عليه و سلم أن يفتح لنا مدائن اليمن، وبيض المدائن، وقصور الروم وأحدنا لا يستطيع أن يقضي حاجته إلا قتل، هذا والله الغرور. فأنزل الله تعالى في هذا ﴿ وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً ﴾.


الصفحة التالية
Icon