فأرسل الله عليهم، فهتكت القباب، وكفأت القدور، ودفنت الرجال، وقطعت الأوتاد، فانطلقوا لا يلوي أحد على أحد، فأنزل الله ﴿ إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها ﴾.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت :« خرجت يوم الخندق أقفو الناس فإذا أنا بسعد بن معاذ ورماه رجل من قريش يقال له ابن العرقة بسهم، فأصاب أكحله، فقطعه، فدعا الله سعد، فقال : اللهم لا تمتني حتى تقرعيني من قريظة، وبعث الله الريح على المشركين ﴿ وكفى الله المؤمنين القتال ﴾ ولحق أبو سفيان ومن معه بتهامة، ولحق عيينة بن بدر ومن معه بنجد، ورجعت بنو قريظة فتحصنوا في صياصيهم، ورجع رسول الله ﷺ إلى المدينة، وأمر بقبة من أدم، فضربت على سعد رضي الله عنه في المسجد قالت : فجاء جبريل عليه السلام - وإن على ثناياه نقع الغبار - فقال : أو قد وضعت السلاح؟ لا والله ما وضعت الملائكة السلاح بعد، أخرج إلى بني قريظة فقاتلهم، فلبس رسول الله ﷺ لامته، وأذن في الناس بالرحيل : أن يخرجوا، فأتاهم فحاصرهم خمساً وعشرين ليلة، فلما اشتد حصرهم، واشتد البلاء عليهم فقيل لهم : انزلوا على حكم رسول الله ﷺ قالوا : ننزل على حكم سعد بن معاذ، فنزلوا وبعث رسول الله ﷺ إلى سعد بن معاذ، فأتي به على حمار، فقال رسول الله ﷺ : احكم فيهم فقال : إني أحكم فيهم؛ أن تقتل مقاتليهم، وتسبى ذراريهم، وتقسم أموالهم، قال : فلقد حكمت فيهم بحكم الله وحكم رسوله ».
وأخرج البيهقي عن موسى بن عقبة رضي الله عنه قال : أنزل الله في قصة الخندق، وبني قريظة تسعاً وعشرين آية فاتحتها ﴿ يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود ﴾ والله تعالى أعلم.


الصفحة التالية
Icon