وأخرج ابن سعد والحاكم عن محمد بن يحيى بن حيان رضي الله عنه قال « جاء رسول الله ﷺ بيت زيد بن حارثة يطلبه، وكان زيد إنما يقال له زيد بن محمد، فربما فقده رسول الله ﷺ، فيجيء لبيت زيد بن حارثة يطلبه فلم يجده، وتقوم إليه زينب بنت جحش زوجته، فاعرض رسول الله ﷺ عنها فقالت : ليس هو ههنا يا رسول الله فادخل، فأبى أن يدخل، فأعجبت رسول الله ﷺ، فولى وهو يهمهم بشيء لا يكاد يفهم منه إلا ربما أعلن، سبحان الله العظيم، سبحان مصرف القلوب، فجاء زيد رضي الله عنه إلى منزله، فأخبرته امرأته أن رسول الله ﷺ أتى منزله فقال زيد رضي الله عنه : إلا قلت له أن يدخل قالت : قد عرضت ذلك عليه فأبى قال : فسمعت شيئاً قالت : سمعته حين ولى تكلم بكلام ولا أفهمه، وسمعته يقول : سبحان الله، سبحان مصرف القلوب، فجاء زيد رضي الله عنه حتى أتى رسول الله ﷺ فقال : يا رسول الله بلغني أنك جئت منزلي فهلا دخلت يا رسول الله، لعل زينب أعجبتك فأفارقها فيقول رسول الله ﷺ ﴿ أمسك عليك زوجك ﴾ فما استطاع زيد إليها سبيلاً بعد ذلك اليوم، فيأتي لرسول الله ﷺ فيخبره، فيقول :﴿ أمسك عليك زوجك ﴾ ففارقها زيد واعتزلها، وانقضت عدتها، فبينا رسول الله ﷺ جالس يتحدث مع عائشة رضي الله عنها إذ أخذته غشية، فسرى عنه وهو يتبسم ويقول : من يذهب إلى زينب، فيبشرها أن الله زوجنيها من السماء، وتلا رسول الله ﷺ ﴿ وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك ﴾ القصة كلها قالت عائشة رضي الله عنها : فأخذني ما قرب وما بعد لما يبلغنا من جمالها. وأخرى هي أعظم الأمور وأشرفها زوجها الله من السماء وقلت : هي تفخر علينا بهذه ».
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والترمذي وصححه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : لو كان النبي ﷺ كاتماً شيئاً من الوحي لكتم هذه الآية ﴿ وإذ تقول للذي أنعم الله عليه ﴾ يعني بالإِسلام ﴿ وأنعمت عليه ﴾ بالعتق ﴿ أمسك عليك زوجك ﴾ إلى قوله ﴿ وكان أمر الله مفعولاً ﴾ وأن رسول الله ﷺ لما تزوّجها قالوا : تزوج حليلة ابنه. فأنزل الله تعالى ﴿ ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين ﴾ وكان رسول الله ﷺ تبناه وهو صغير، فلبث حتى صار رجلاً يقال له : زيد بن محمد.


الصفحة التالية
Icon