وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ﴿ وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت.... ﴾ قال : بلغنا أن هذه الآية أنزلت في زينب بنت جحش رضي الله عنها، وكانت امها أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله ﷺ، فأراد أن يزوّجها زيد بن حارثة رضي الله عنه، فكرهت ذلك ثم إنها رضيت بما صنع رسول الله ﷺ، فزوّجها إياه، ثم أعلم الله نبيه ﷺ بعد أنها من أزواجه، فكان يستحي أن يأمر زيد بن حارثة بطلاقها، وكان لا يزال يكون بين زيد وزينب بعض ما يكون بين الناس، فيأمره رسول الله ﷺ أن يمسك عليه زوجه، وأن يتقي الله، وكان يخشى الناس أن يعيبوا عليه، أن يقولوا : تزوّج امرأة ابنه، وكان رسول الله ﷺ قد تبنى زيداً.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه أن النبي ﷺ اشترى زيد بن حارثة في الجاهلية من عكاظ بحلى امرأته خديجة ولداً، فلما بعث الله نبيه ﷺ، مكث ما شاء الله أن يمكث، ثم أراد أن يزوّجه زينب بنت جحش، فكرهت ذلك فأنزل الله ﴿ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن تكون لهم الخيرة من أمرهم... ﴾ فقيل لها : إن شئت الله ورسوله، وإن شئت ضلالاً مبيناً فقالت : بل الله ورسوله. فزوّجه رسول الله إياها، فمكثت ما شاء الله أن تمكث، ثم إن النبي ﷺ دخل يوماً بيت زيد فرآها وهي بنت عمته، فكأنها وقعت في نفسه قال عكرمة : رضي الله عنه فأنزل الله ﴿ وإذ تقول للذي أنعم الله عليه ﴾ يعني زيداً بالإِسلام ﴿ وأنعمت عليه ﴾ يا محمد بالعتق ﴿ أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه ﴾ قال : عكرمة رضي الله عنه فكان النساء يقولون : من شدة ما يرون من حب النبي ﷺ لزيد رضي الله عنه أنه ابنه، فأراد الله أمراً قال الله ﴿ فلما قضى زيد منها وطراً زوَّجناكها ﴾ يا محمد ﴿ لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم ﴾ وأنزل الله ﴿ ما كان محمد أبا أحدٍ من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين ﴾ فلما طلقها زيد تزوجها النبي ﷺ فعذرها قالوا : لو كان زيد بن رسول الله ﷺ ما تزوّج امرأة ابنه.


الصفحة التالية
Icon