وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه قال : قال سليمان عليه السلام لملك الموت : إذا أمرت بي فاعلمني، فأتاه فقال : يا سليمان قد أمرت بك، قد بقيت لك سويعة، فدعا الشيطاين، فبنوا عليه صرحاً من قوارير ليس عليه باب، فقام يصلي، فاتكأ على عصاه، فدخل عليه ملك الموت عليه السلام، فقبض روحه وهو متكىء على عصاه، ولم يصنع ذلك فراراً من الموت قال : والجن تعمل بين يديه، وينظرون يحسبون أنه حي، فبعث الله ﴿ دابة الأرض ﴾ دابة تأكل العيدان يقال لها : القادح فدخلت فيها، فأكلتها حتى إذا أكلت جوف العصا ضعف وثقل عليها، فخر ميتاً فلما رأت ذلك الجن انفضوا وذهبوا. فذلك قوله ﴿ ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته ﴾.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه قال : لما رد الله الخاتم إليه لم يصلِّ صلاة الصبح يوماً إلا نظر وراءه، فإذا هو بشجرة خضراء تهتز فيقول : يا شجرة أما يأكلنك جن، ولا إنس، ولا طير، ولا هوام، ولا بهائم، فتقول : إني لم أجعل رزقاً لشيء، ولكن دواء من كذا.. ودواء من كذا.. فقام الإِنس والجن يقطعونها ويجعلونها في الدواء، فصلى الصبح ذات يوم والتفت، فإذا بشجرة وراءه قال : ما أنت يا شجرة؟ قالت : أنا الخرنوبة قال : والله ما الخرنوبة إلا خراب بيت المقدس، والله لا يخرب ما كنت حياً ولكني أموت، فدعا بحنوط فتحنط وتكفن، ثم جلس على كرسيه، ثم جمع كفيه على طرف عصاه، ثم جعلها تحت ذقنه ومات، فمكث الجن سنة يحسبونه أنه حي، وكانت لا ترفع أبصارها إليه، وبعث الله الارضة، فأكلت طرف العصا، فخر منكباً على وجهه، فعلمت الجن أنه قد مات. فذلك قوله ﴿ تبينت الجن ﴾ ولقد كانت الجن تعلم أنها لا تعلم الغيب، ولكن في القراءة الأولى ﴿ تبينت الإِنس أن لو كانت الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : بلغت نصف العصا، فتركوها في النصف الباقي، فأكلتها في حول فقالوا : مات عام أول.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : مكث سليمان بن داود عليه السلام حولاً على عصاه متكئاً حتى أكلتها الأرضة فَخرَّ.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ إلا دابة الأرض تأكل منسأته ﴾ قال : عصاه.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال : الأرضة أكلت عصاه حتى خرَّ.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه ﴿ تأكل منسأته ﴾ قال : العصا.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه أنه سئل عن ( المنسأة ) قال : هي العصا، وأنشد فيها شعراً قاله عبد المطلب :
أمن أجل حبل لا أبالك صدته | بمنسأة قد جر حبلك أحبلا |