وفي قوله ﴿ ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه ﴾ أي من عمل عملاً صالحاً فإنما يعمل لنفسه. وفي قوله ﴿ وما يستوي... ﴾. قال : خلق فضل بعضه على بعض، فأما المؤمن فعبد حي الأثر، حي البصر، حي النية، حي العمل. والكافر عبد ميت الأثر، ميت البصر، ميت القلب، ميت العمل.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة ﴿ وما يستوي الأعمى والبصير.... ﴾ قال : هذا مثل ضربه الله للكافر والمؤمن يقول : كما لا يستوي هذا وهذا، كذلك لا يستوي الكافر والمؤمن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ﴿ وما يستوي الأعمى والبصير... ﴾ قال : الكافر والمؤمن ﴿ ولا الظلمات ﴾ قال : الكفر ﴿ ولا النور ﴾ قال : الايمان ﴿ ولا الظل ﴾ قال : الجنة ﴿ ولا الحرور ﴾ قال : النار ﴿ وما يستوي الأحياء ولا الأموات ﴾ قال : المؤمن والكافر ﴿ إن الله يسمع من يشاء ﴾ قال : يهدي من يشاء.
وأخرج أبو سهل السري بن سهل الجنديسابوري الخامس من حديثه من طريق عبد القدوس عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ فإنك لا تسمع الموتى ﴾ [ الروم : ٥٢ ] ﴿ وما أنت بمسمع من في القبور ﴾ قال : كان النبي ﷺ يقف على القتلى يوم بدر ويقول :« هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً يا فلان ابن فلان. ألم تكفر بربك؟ ألم تكذب نبيك؟ ألم تقطع رحمك؟ فقالوا : يا رسول الله أيسمعون ما نقول؟ قال : ما أنتم بأسمع منهم لما أقول. فأنزل الله ﴿ فإنك لا تسمع الموتى ﴾ ﴿ وما أنت بمسمع من في القبور ﴾ ومثل ضربة الله للكفار أنهم لا يسمعون لقوله ».
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ وما أنت بمسمع من في القبور ﴾ فكذلك الكافر لا يسمع ولا ينتفع بما يسمع. وفي قوله ﴿ وإن من أمةٍ إلا خلا فيها نذير ﴾ يقول كل أمة قد كان لها رسول جاءها من الله. وفي قوله ﴿ وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم ﴾ قال : يعزي نبيه ﴿ جاءتهم رسلهم بالبينات وبالزبر والكتاب المنير، ثم أخذت الذين كفروا فكيف كان نكير ﴾ قال : شديد والله لقد عجل لهم عقوبة الدنيا ثم صيرهم إلى النار.


الصفحة التالية
Icon