وأخرج الخطيب في تالي التلخيص عن فضيل بن عياض قال : أضجعه ووضع الشفرة، فاقلب جبريل الشفرة، فقال : يا أبت شدني فإني أخاف أن ينتضح عليك من دمي، ثم قال : يا أبت حلني فإني أخاف أن تشهد عليَّ الملائكة أني جزعت من أمر الله تعالى...
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : أتى إبراهيم في النوم فقيل له : أوف بنذرك الذي نذرت. إن الله رزقك غلاماً من سارة أن تذبحه. فقال : يا إسحاق انطلق فقرب قرباناً إلى الله، فأخذ سكيناً وحبلاً ثم انطلق به، حتى إذا ذهب به بين الجبال قال الغلام : يا أبت أين قربانك؟ ﴿ قال : يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى، قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين ﴾ قال له إسحاق : يا أبت اشدد رباطي حتى لا أضطرب، وأكفف عني ثيابك حتى لا ينضح عليها من دمي شيء، فتراه سارة فتحزن، وأسرع مر السكين على حلقي ليكون أهون للموت عليَّ فإذا أتيت سارة، فاقرأ عليها السلام مني. فأقبل عليه إبراهيم بقلبه وهو يبكي، وإسحاق يبكي، ثم إنه جر السكين على حلقه، فلم تنحر، وضرب الله على حلق إسحاق صفيحة من نحاس، فلما رأى ذلك ضرب به على جبينه، وحز من قفاه. وذلك قول الله ﴿ فلما أسلما ﴾ يقول : سلما لله الأمر ﴿ وتله للجبين ﴾ فنودي يا إبراهيم ﴿ قد صدقت الرؤيا ﴾ بإسحاق، فالتفت فإذا هو بكبش، فأخذه وحل عن ابنه، وأكب عليه يقبله، وجعل يقول : اليوم يا بني وهبت لي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : إن الله لما أمر إبراهيم بذبح ابنه قال له : يا بني خذ الشفرة فقال الشيطان : هذا أوان أصيب حاجتي من آل إبراهيم، فلقي إبراهيم متشبهاً بصديق له، فقال له : يا إبراهيم أين تعمد؟ قال : لحاجة قال : والله ما تذهب إلا لتذبح ابنك من أجل رؤيا رأيتها، والرؤيا تخطىء وتصيب، وليس في رؤيا رأيتها ما تذهب إسحاق، فلما رأى أنه لم يستفد من إبراهيم شيئاً؛ لقي إسحاق، فقال : أين تعمد يا إسحاق؟ قال : لحاجة إبراهيم قال : إن إبراهيم إنما يذهب بك ليذبحك فقال إسحاق : وما شأنه يذبحني، وهل رأيت أحداً يذبح ابنه؟ قال : يذبحك لله قال : فإن يذبحني لله أصبر والله لذلك أهل، فلما رأى أنه لم يستفد من إسحاق شيئاً جاء إلى سارة فقال : أين يذهب إسحاق؟ قالت : ذهب مع إبراهيم لحاجته فقال : إنما ذهب به ليذبحه فقالت : وهل رأيت أحداً يذبح ابنه؟ قال : يذبحه لله قالت : فإن ذبحه لله، فإن إبراهيم وإسحاق لله، والله لذلك أهل، فلما رأى أنه لم يستفد منهما شيئاً أتى الجمرة، فانتفخ حتى سد الوادي، ومع إبراهيم الملك فقال الملك : ارم يا إبراهيم، فرمى بسبع حصيات، يكبر في أثر كل حصاة، فأفرج له عن الطريق، ثم انطلق حتى أتى الجمرة الثانية، فانتفخ حتى سد الوادي فقال له الملك : ارم يا إبراهيم، فرمى بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة، فافرج له عن الطريق، ثم انطلق حتى أتى الجمرة الثالثة، فانتفخ حتى سد الوادي عليه فقال له الملك : ارم يا إبراهيم فرمى بسبع حصيات، يكبر في أثر كل حصاة، فأفرج له عن الطريق حتى أتى المنحر.


الصفحة التالية
Icon