وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : لبث يونس في بطن الحوت سبعة أيام، فطاف به البحار كلها، ثم نبذه على شاطىء دجلة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال ﴿ التقمه الحوت ﴾ يقال له نجم، وإنه لبث ثلاثاً في جوفه، وفي قوله ﴿ فلولا أنه كان من المسبحين ﴾ قال : كان كثير الصلاة في الرخاء، فنجا ﴿ للبث في بطنه ﴾ قال : لصار له بطن الحوت قبراً ﴿ إلى يوم يبعثون ﴾ قال : إلى يوم القيامة. وفي قوله ﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ قال : شط دجلة. ونينوى على شط دجلة، مكث في بطنه أربعين يوماً يتردّد به في دجلة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ قال : ألقيناه بالساحل.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن شهر بن حوشب رضي الله عنه قال : انطلق يونس عليه السلام مغضباً، فركب مع قوم في سفينة، فوقفت السفينة لم تسر، فساهمهم، فتدلى في البحر، فجاء الحوت يبصبص بذنبه، فنودي الحوت أنا لم نجعل يونس لك رزقاً، إنما جعلناك له حرزاً ومسجداً.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه قال : لما ذهب مغاضباً، فكان في بطن الحوت قال من بطن الحوت : إلهي من البيوت أخرجتني، ومن رؤوس الجبال أنزلتني، وفي البلاد سيرتني، وفي البحر قذفتني، وفي بطن الحوت سجنتني، فما تعرف مني عملاً صالحاً تروح به عني. قالت الملائكة عليهم السلام : ربنا صوت معروف من مكان غربة! فقال لهم الرب : ذاك عبدي يونس قال الله ﴿ فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون ﴾ وكان في بطن الحوت أربعين يوماً، فنبذه الله ﴿ بالعراء وهو سقيم ﴾ وأنبت ﴿ عليه شجرة من يقطين ﴾ قال : اليقطين الدباء، فاستظل بظلها، وأكل من قرعها، وشرب من أصلها ما شاء الله. ثم إن الله تعالى أيبسها، وذهب ما كان فيها، فحزن يونس عليه السلام، فأوحى الله إليه : حزنت على شجرة أنبتها ثم أيبستها، ولم تحزن على قومك حين جاءهم العذاب، فصرف عنهم، ثم ذهبت مغاضباً.
وأخرج أحمد في الزهد وعبد بن حميد وأبو الشيخ عن حميد بن هلال قال : كان يونس عليه السلام يدعو قومه، فيأبون عليه، فإذا خلا دعا الله لهم بالخير، وقد بعثوا عليه عيناً، فلما أعيوه، دعا الله عليهم، فأتاهم عينهم فقال : ما كنتم صانعين فاصنعوا، فقد أتاكم العذاب، فقد دعا عليكم، فانطلق ولا يشك أنه سيأتيهم العذاب، فخرجوا قد ولهوا البهائم عن أولادها، فخرجوا تائبين فرحمهم الله تعالى، وجاء يونس عليه السلام ينظر بأي شيء أهلكها، فإذا الأرض مسودة منهم بدون عذاب، وذاك حين ذهب مغاضباً، فركب مع قوم في سفينة، فجعلت السفينة لا تنفذ، ولا ترجع فقال بعضهم لبعض، ماذا إلا لذنب بعضكم؟ فاقترعوا أيكم نلقيه في الماء ونخلي وجهنا، فاقترعوا، فبقي سهم يونس عليه السلام في الشمال فقالوا : لا نفتدي من أصحابنا بنبي الله فقال يونس عليه السلام : ما يراد غيري، فاقذفوني ولا تنكسوني، ولكن صبوني على رجلي صباً، ففعلوا وجاء الحوت شاحباً فاه، فالتقمه فاتبعه حوت أكبر من ذلك ليلتقمهما، فسبقه فكان يونس في بطن الحوت حتى رق العظم، وذهب اللحم والبشر والشعر، وكان سقيماً فدعا بما دعا به، فنبذ بالعراء وهو سقيم، فأنبت الله ﴿ عليه شجرة من يقطين ﴾ فكان فيها غذاه حتى اشتد العظم، ونبت اللحم والشعر والبشر، فعاد كما كان، فبعث الله عليها ريحاً، فيبست فبكى عليها، فأوحى الله إليه يا يونس أتبكي على شجرة جعل الله لك فيها غذاء، ولا تبكي على قومك أن يهلكوا؟
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : لما بعث الله يونس عليه السلام إلى قومه يدعوهم إلى الله وعبادته، وأن يتركوا ما هم فيه، أتاهم فدعاهم، فأبوا عليه، فرجع إلى ربه فقال : رب إن قومي قد أبوا عليَّ وكذبوني قال : فارجع إليهم فإن هم آمنوا وصدقوا، وإلا فاخبرهم أن العذاب مصبحهم غدوة، فأتاهم فدعاهم، فأبوا عليه قال : فإن العذاب مصبحكم غدوة، ثم تولى عنهم فقال القوم بعضهم لبعض، والله ما جربنا عليه من كذب منذ كان فينا، فانظروا صاحبكم، فإن بات فيكم الليلة، ولم يخرج من قريتكم، ولم يبت فيها، فاعلموا أن العذاب مصبحكم، حتى إذا كان في جوف الليل، أخذ مخلاة فجعل فيها طعيماً له، ثم خرج فلما رأوه فرقوا بين كل والدة وولدها، من بهيمة أو إنسان، ثم عجوا إلى الله مؤمنين ومصدقين بيونس عليه السلام، وبما جاء به، فلما رأى الله ذلك منهم بعد ما كان قد غشيهم العذاب كما يغشى القبر بالثوب كشفه عنهم، ومكث ينظر ما أصابهم من العذاب، فلما أصبح رأى القوم يخرجون لم يصبهم شيء من العذاب قال : لا والله لا آتيهم وقد جربوا عليَّ كذبة، فخرج فذهب مغاضباً لربه، فوجد قوماً يركبون في سفينة، فركب معهم، فلما جنحت بهم السفينة، تكفت ووقفت فقال القوم : إن فيكم لرجلاً عظيم الذنب، فاستهموا لا تغرقوا جميعاً، فاستهم القوم فسهمهم يونس عليه السلام قال القوم : لا نلقي فيه نبي الله، اختلطت سهامكم، فأعيدوها فاسهموا، فسهمهم يونس فلما رأى يونس عليه السلام ذلك قال للقوم : فالقوني لا تغرقوا جميعاً، فألقوه فوكل الله تعالى به حوتاً، فالتقمه لا يكسر له عظماً، ولا يأكل له لحماً، فهبط به الحوت، إلى أسفل البحر، فلما جنه الليل، نادى في ظلمات ثلاث : ظلمة بطن الحوت، وظلمة الليل، وظلمة البحر


الصفحة التالية
Icon